قاطعوا الانتخابات و اريحوا الشعب من فتاويكم
د.عبدالفتاح طوقان
09-08-2010 05:37 AM
هذه الانتخابات هي التى ينتظرها المواطن الاردني ، لانه ان الاوان ان تكون الانتخابات حرة و نزيهة و من تراب الاردن لا بأوامر الخارج سواء من حماس او منظمات فلسطينية و ممثليهم في الانتخابات ، و يا ليت ايضا تقاطعها الاحزاب ذات الجذور خارج حديقة الوطن و فئة غربان الاسراب العدائية لكل ما هو جميل في الاردن ، و من يبيتون النية ضد المملكة الاردنية الهاشمية .. و هؤلاء بمجملهم و ان كانوا الاكثر نشاطا في الساحة الا انهم لا يتجاوزا الاربع بالمائة .
و يعتقد البعض أن افضل ما في تلك الانتخابات هو "قرارات المقاطعة " التى صدرت ، بل انهم متمنيين مزيدا من المقاطعة التى تتوالى مثل قطع الدينامو المتساقط حيث ان كل ما يملكه او يمثله تيار الاخوان المسلميين لا يتجاوز 2.5 بالمائة ، حيث حصدوا مائه و خمسين الف صوتا من اصل ستة ملايين اردني ، و بالنأكيد فليس كل من صوت لهم هو من الاخوان و هذا يعني في احقية الامر انهم لا يتجاوزوا 1،85 بالمئة و بقية الاحزاب مجتمعة ( مؤيدة و مشاركة ) تكمل العدد في اكثر الاحوال جدية اربع بالمائة .
و ها هم الاخوان يقاطعون الانتخابات مرة اخرى ، علما بأنهم كانوا ضد اتفاقية وادي عربة و اتفاقية السلام ومع ذلك شاركوا في الحكومة التى وقعت الاتفاق ، و قاطعوا مرة اخرى بينما سمحوا لبعضهم بالمشاركة و صدروا بعض من حلفائهم نيابة عنهم في انتخابات اخرى.
و في مراحل من حياة الدولة تفاوضوا مع الامن و حصدوا النقابات المهنية باتفاق ضمني مرحلي، و في مراحل اخرى كانوا سوط اسقاط التنظيمات الفلسطينية و الشيوعية و في المقابل سمح لهم بالتمدد النوعي لا الكمي ، و رخص حزبهم رغم اغلاق الاحزاب الاخرى ، و هم دوما يتجملون على الوطن بأنهم مع الحفاظ عليه من الضياع في يد المنظمات و الشيوعية.
و يأتي جزءا اخر في الساحة واشهر المقاطعة ، و هم لجنة المتقاعدين العسكريين الذي هم في احوج الحاجة الى اعادة النظر فيما يكتبون و فيما يقررون على الملاء ، لانهم لجنة لاتتجاوز اصابع اليد ، و هم ليسوا بحزب و تلك اللجنة لا تمثل الا نفسها و لا ثقل لها بين جموع العسكريين المتقاعدين ، خصوصا وان قادة و الوية و ضباط من مختلف الرتب تشارك في الانتخابات و ستشارك و شاركت سابقا.
و اقصد هنا انني اشفق على تلك اللجنة التى لديها الوقت الضائع الكثير بين يديها بلا عمل ، رغم تقديرى لمن ينتمون اليها ، لان الحياة المدنية غير تلك العسكرية ، و الرسالة في العسكرية امر واجب النفاذ على كافة الرتب ، بينما الرسالة في الحالة المدنية مجرد ورقة تعبر عن شخص و لا تلزم احد .
و تلك البيانات التى يصدرونها بين الحين و الاخر ترفع من معنويات مرسليها و تضعهم في اطار اعلامي يعوض عنهم ما فقدوه من قوة و نفوذ بعد خروجهم من الخدمة . و تبقى بياناتهم مصنفة تحت بند " بيان جيد للقراءة لهم" لا للتنفيذ.
و هم بهذا البيان ارادوا القفز في خندق الاخوان المسلمين الذين يجيدون المناوره و التراجع و الاتفاقات من خلف الكواليس .
و لقد اصدروا بيان المقاطعة و تلقفته الصحف لقمة سائغة و اصفه اياهم باعتبارهم "عسكريين شرق اردنيين " في محاولة لاظهار الانقسام الجفرافي او الاقليمي او العرقي في الاردن ، ( علما بأن هذا الانقسام في الذهنية الانفصامية فقط و لا اعرف ما القصد منه و لخدمة من ؟) ، مع التأكيد ان القوات الاردنية المسلحة و منذ تأسيسها حملت لواء الجيش العربي و ضمت اللبناني و السوري و الفلسطيني و العراقي و الكردي و غيرهم و لم تفرق بين احد و تبواء العديد من تلك الجنسيات مناصب القادة في مختلف الافرع كما في الجيش والمخابرات و الدفاع المدني و الشرطة .
القابلية للتأثير في الشارع المحبط و الذي يعاني من وضع اقتصادي صعب و حياة معيشية مؤلمة بسبب الكماشة الشرقية و الغربية ، و بسبب احوال المال العالمية ، تضع اي كلمة موضع القلب ، و هي تماثل التاثير في الجريح ، و لكن هذا فقط عند البسطاء ، عند غير المثقفين ، عند اللاساسة ، و هي لعبة يجيدها تجار الانتخابات و يتفهمها من يعمل في المطبخ السياسي.
كل من الاخوان و المتقاعدين يغمزون من قناه ، و كأنها انتخابات الغمزة غمزة ، غمزة نفير و غمزة حب ، غمزة عين حمراء و غمزة ورد ، غمزة خارجة عن شرعية الاحكام .
و تأتي حكومة الرفاعي اليوم لتضع ثقافة "الاستقلال الوطني " عند الانتخابات و ثقافة " الاحزاب الوطنية المتجدرة في تراب الاردن الهاشمي ، و حق المواطن الاردني في انتخاب بلا قيد ، و تصويت بلا شرط ، و حرية اختيار بلا تأثير من الخارج ، و بلا انتهازية لعواطف عقائدية ، لتوثق حالة الانتماء للمملكة الاردنية الهاشمية .
و تمنع شراء الاصوات مقابل مال او ملابس و نقاب مجاني او وظيفة او وعد ، و هذا يزعج مروجي ساسة "الحقد " على الحكومة.
و على العموم ايا كانت الحكومة التى تشرف على الانتخابات كانت ستواجه بمثل هذا ، و ليس المقصود شخص الرئيس سمير الرفاعي ، فقد تعود المواطن في عهد ووقت الانتخابات ان يرتفع الصوت قبل الانتخاب و بعد الانتخابات ترتفع عند البعض الاعناق لاجل المنصب و السيارة و الرقم الحكومي و البدلات وغيرها من طوابق الساسة .
لقد مل المواطن رؤية الاحزاب الممولة من الخارج ، و التنظيمات التى تخوض الانتخابات مره بأسم الشعبية و اخرى بأسم الفتحاوية منتهزة الجنسية الاردنية و جواز السفر الذي انعمت به الاردن عليهم . ملت الجموع التصويت التابع القادم من جهة البوابة الشرقية مرة و من الغربية مرة اخرى.
من حق المواطن الاردني ان يستمتع بانتخابات اردنية حقا ، نابعة من تراب الاردن ، من جباله و سهوله ووديانه ، من وادي رم و سيل الزرقاء و عين جنة و البادية و كل رمال الوطن المعطاء ، عوضا عن سندات و كمبيالات تجار الساسة .
الاردن ليس ورقة تبغ تباع و تشترى و يتم التفاوض عليها ، و هي ليست هيشة تدخن و تحترق ، الاردن دولة لها حق الحياة بشرف و استقلال دون الخنوع او الركوع لمطالب احد .
من حق المواطن الاردني ان يرى القيمة و الرؤية اليومية لحوارت تحت قبة البرلمان نابعة من عشق الاردن ، من المشاكل التى يمر بها المواطن ، من عين النائب الساهرة على الوطن ، من قلب المؤمن بتراب الاردن ، من فم المتعطش الى كلمة "انا اردني الهوا" و لاجل وطني اعمل و افنى حياتي .
ان تلك المخلوقات التى زرعت في القلب الاردني لظروف مختلفة ، لم يعد لها مكان الان، الظرف تغير ، و الشعب يعي تماما تفوهات المقاطعة و اسباب من يؤيدها ، لذا فأن البعض يطالبهم بالمقاطعة و يشد علي ايديهم لانهم يسدون خدمة للوطن بعدم المشاركة ، ولاجل وطن اردني مستقل ، فأن ذلك التقاطع يريح الشعب و الوطن و يبعد شر البلاء عن الجميع ، عن 96% المائة من المواطنيين .
aftoukan@hotmail.com