الاعلام العربي لا يهتم كثيرا بالمبدعين والمبدعات العرب فعندما رحلت عن عالمنا فقيدة الفن التشكيلي العربي الفنانة والنحاتة الاردنية الرائدة (منى السعودي) في 16 فبراير الماضي لم يهتم بخبر رحيلها اي من المحطات التلفزيونية او الاذاعات العربية الكبرى، ولو كانت الراحلة من الفاشنيستات السخيفات لانتشر الخبر وخصصت له المساحات العريضة في فضائنا الاعلامي العربي المتخم بالغثاثة والسطحية.

قبل شهور من رحيلها كانت تحدثني عن علاج ابنتها الوحيدة (ضياء) في لندن من مرض عضال ولم تذكر لي عن معاناتها مع المرض عندما كنت التقي بها في غالري XVA في حي الفهيدي بدبي، وساهمت في معرض ارت ابوظبي الاخير بعدة منحوتات، وكانت محبة وعاشقة للامارات وقد اقيم لها قبل سنوات قليلة في مدينة الشارقة معرض فني استعادي من اجمل معارضها وكان تحت رعاية وتشجيع صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي.

وقد سرت الصديقة منى السعودي رحمها الله مؤخرا بحصولها على الإقامة الذهبية في الامارات، ولقد صدمت عندما تلقيت رسالة منها في الرابع من فبراير الماضي تخبرني فيها انها ستدخل الى مستشفى الجامعة الامريكية لإجراء علاج من مرض عضال وكتبت لها متمنيا لها الشفاء العاجل وان قلوبنا معها، وكانت ذلك اخر تواصل بيننا.

ولدت الفنانة والشاعرة والكاتبة منى السعودي في العاصمة الاردنية عمان عام 1945. بدأت منى السعودي علاقتها مع النحت منذ الصغر، حيث كانت تسكن بجوار مجموعة من الآثار الرومانية بعمان. فكونت منذ طفولتها علاقة مع الحجارة والصخور والمنحوتات، حيث كان لهذه العلاقة تأثير هام في حياتها. بدأت بنحت أعمالها الأولى منذ بلوغها سن العشرين ودرست في مدرسة الفنون الجميلة بباريس. قدمت أعمالها في معارض عديدة في العالم العربي وأوروبا والولايات المتحدة وآسيا.

قدمت أوّل معرض لرسوماتها عام 1963 في مقهى الصحافة في لبنان. ثم التحقت بالمدرسة العليا للفنون الجميلة في باريس عام 1964 حيث درست النحت بالحجر. قدمت أوّل منحوتاتها في عام 1965 وكان موضوعها الأمومة.

تشتهر الفنانة بمنحوتاتها الهائلة التي تستقصي بحساسية شعرية بالغة مواضيع الإبداع، والأرض، والأم وتطور الكائنات.

أقامت منى السعودي معارض كثيرة لأعمالها العديدة في النحت والرسم في العالم العربي وأوروبا والولايات المتحدة وآسيا. ومن أعمالها النحتية "قمر مكتمل" من حجر الترافيرتين، وكذلك "أمزجة الأرض" و"شروق الشمس" و"كسوف القمر"، و"المتشرّد"، و"صبار"، من حجر اليشم الأردني الأخضر، و"ماء الحياة" من العقيق اليماني، و"المرأة النهر" من الغرانيت الأخضر الزمردي.

منحوتة "هندسة الروح" التي تقف أمام معهد العالم العربي في باريس دشنها الملك الاردني الحسين بن طلال والرئيس الفرنسي جاك شيراك.

لها كتاب بعنوان "أربعون سنة من النحت" أصدر في 2007.

واصدرت كتابين من الأشعار “رؤيا أولى في 1970” و”محيط الحلم". في 1993.

لها عدة مجموعات من رسومات مستلهمة من وحي الشعر أنجزت كتحية لعدة شعراء مثل الشاعر الفلسطيني محمود درويش، والشاعر السوري أدونيس، والشاعر الفرنسي سان جون بيرس وكذلك إلى الشاعر العربي الجاهلي امرؤ القيس.

تنتصب أعمالها في عدد كبير من متاحف العالم مثل المتحف الوطني للفنون الجميلة في الأردن، والمتحف البريطاني، ومتحف الغغنهايم، ومعهد الفن في شيكاغو ومعهد الفن في ديترويت.

الفنانة منى السعودي فقيدة الفن التشكيلي العربي، ربما لم يهتم الاعلام العربي برحيلك ولم يقدم لك التأبين المناسب الذي يليق بمساهمتك الفنية الحضارية الرائدة ولكنك ستبقين لاجيال قادمة حاضرة في وعي وذاكرة العرب الفنية والثقافية والحضارية..