التكنولوجيا لا تتحمل وزر التسيب الاداري
نبيل غيشان
09-08-2010 03:20 AM
قرار الحكومة بحجب المواقع الالكترونية عن مكاتب موظفي الدولة لاقى الكثير من غضب الموظفين واصحاب المواقع وقادة الرأي العام والمنظمات الحقوقية لانه يتناقض مع روح ومنطق عصر ثورة المعلومات التي لم يعد بالامكان حصرها في مكان وزمان محدد.
استمعت مع مجلس نقابة الصحافيين الاسبوع الماضي لتبريرات الحكومة على لسان وزير الدولة لشؤون الاعلام علي العايد حول قرار حجب المواقع الالكترونية والذي اضطر للدفاع عنه مع انه فوجىء به منذ دخوله الحكومة.
الحكومة تبرر قرارها بنتائج دراسة قامت بها وزارة تطوير القطاع العام, بينت مدى تأثير "متابعة الموظف العام للمواقع الالكترونية على انتاجيته وخدمته للجمهور".
ومن جملة ما قاله معالي الوزير استنادا للدراسة فان " مكاتب موظفي الدولة تشهد يوميا 250 الف حالة دخول للمواقع الالكترونية داخليا وخارجيا" وهو ما يؤثر على مستوى الخدمات المقدمة من الموظف الحكومي للجمهور.
انه منطق حكومي مقبول اذا كان الامر يتعلق فقط بنوعية الخدمة في دوائر الدولة, لكن للاسف فان هذا التبرير غير صحيح لان "حجب المواقع ايضا لن يزيد من انتاجية الموظف كما ونوعا " ونتمنى ان تعاد دراسة وزارة تطوير القطاع العام لنرى مدى صحة منطق الحكومة بعد الحجب.
ان قضية اداء موظف القطاع العام هي مسالة ادارية وعلى المدراء اينما كانوا ان يراقبوا اداء موظفيهم وان يحرصوا على ان يكون جل وقتهم مصروفا باتجاه خدمة الجمهور ولا يمكن معاقبة الموظف المقصر في واجبه باغلاق خدمة الانترنت او حجب مواقع الكترونية محددة,لانه عقاب جماعي يطال اشخاصا تتطلب طبيعة وظائفهم التجوال في الانترنت, فمن اعتاد على التملص من عمله لن يعدم البحث عن اية وسيلة للتسلية وتضييع الوقت.
ولا يمكن باي حال من الاحوال تحميل "التكنولوجيا" وزر التسيب الاداري في اي دائرة من دوائر الدولة, بل يمكن القول بان حجب المواقع الالكترونية دليل على ضعف الرقابة الادارية وعجز الدولة عن مراقبة سلوك موظفيها اثناء دوامهم الرسمي.
والتكنولوجيا بحد ذاتها صعبة المراس وانا اعتقد جازما بان قرار الحكومة لن يدوم طويلا لان الموظفين "المعاقبين" سيجدون منفذا للدخول للمواقع الالكترونية المحجوبة بكل يسر, وعلى الحكومة التي تضيق ذرعا "بسقف بعض المواقع الالكترونية والصحف" ان تعرف بان الاعلام الحر هو الذي يوفر الشرعية للحكومات ويعطيها "شهادة خلو امراض".
ولا يقل قانون جرائم انظمة المعلومات الذي اصدرته الحكومة الاسبوع الماضي سوءا عن قرار حجب المواقع الالكترونية لانه يتحدث عن تصريح "ممنوح من صاحب العلاقة او السلطة القضائية الى شخص او اكثر او للجمهور للدخول الى او استخدام نظام المعلومات او موقع الكتروني او الشبكة المعلوماتية بقصد الاطلاع او الغاء او حذف او اضافة او تغيير او اعادة نشر بيانات او معلومات او حجب الوصول اليها او ايقاف عمل الاجهزة او تغيير موقع الكتروني او الغائه او تعديل محتوياته" اي ان دخول المواقع اصبح بحاجة الى تصريح ومن يخالف ذلك يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن أسبوع ولا تزيد على ثلاثة أشهر أو بغرامة لا تقل عن مئة دينار ولا تزيد على مئتي دينار أو بكلتا العقوبتين.
انه منطق يخالف روح العصر.
nabil.ghishan@alarabalyawm.net
العرب اليوم