الردع يمنع انزلاق العالم نحو حرب عالمية
علي السنيد
04-03-2022 11:58 AM
يدرك الرئيس الأمريكي، وقادة الغرب قبل غيرهم مخاطر اندلاع حرب عالمية ثالثة برؤوس نووية، واثرها الكارثي المدمر على دولهم وشعوبهم وعلى البشرية برمتها، وستكون نتائجها غير مسبوقة في كارثيتها في التاريخ، ولا يمكن تقدير حجم الدمار الشامل الذي ستحدثه ، والخسائر الناجمة عنها ، وذلك في ظل ما تملكه الدول الكبرى وخاصة روسيا وامريكا من ترسانات أسلحة بالغة التدمير .
ولذلك يحيا العالم اليوم في ظل الردع النووي، وهو ما يمنع انجرار الدول الكبرى الى صراعات مسلحة فيما بينها، وكان من حسن طالع البشر ان العالم لا تقوده دولة عظمى واحدة في ظل هذا التوازن ، وانما هو عالم متعدد الاقطاب.
وهو ما أدى الى تحول الصراع العالمي الى شكل اقتصادي، وتنافس على النفوذ ، وحرب خفية تتخذ من بعض الدول الصغيرة ميدانا لها، وهي حرب بالوكالة تتبدى في عديد من مناطق العالم.
ويخطئ أي حليف اذا وضع في حساباته ان أي من الدول الكبرى ستخوض حروبا مباشرة وتضع قواتها المسلحة في وجه بعضها البعض دفاعا عنه، وذلك مرده الى ادراك الجميع مدى خطورة نشوب حرب كونية يكون قوامها السلاح النووي الذي يفقد دوره في حال تم استخدامه اذ تهدف الدول من خلال امتلاكه الى تحقيق خاصية الردع، والتفرغ لتقاسم المصالح والنفوذ بين القوى الرئيسية في هذا العالم.
وهذا السلاح المدمر نقل العالم كله الى ميدان حرب ، ولم تعد المعارك تخص العسكريين فقط، وفي حال استخدامه - لا قدر الله- فلا فرق في الضحايا بين العسكريين والمدنيين.
ولذا فان الحرب العالمية القادمة أصبحت شبه مستحيلة ، والدول الرئيسية تدرك ذلك، ومستوى القادة في العالم الأول يدركون مخاطر جر العلاقات الدولية الى هكذا حرب لا تبقي ولا تذر، وسيعملون بكل الوسائل لإيجاد بيئة عالمية يتم التفاهم فيها على تقاسم المصالح ، وابعاد شبح الحرب المدمرة عن العالم.
وهذه المعادلة تتطلب من الدول الصغيرة او الدول التي تدور في فلك غيرها ان تدرك ابعاد الصراع في العالم، وان تتجنب ان تضع نفسها وقودا لمعارك الاخرين، وان ينجو بها قادتها من اتون صراع المصالح الحاد الذي تدفع ثمنه مثل هذه الدول المسكينة حيث بعض الدول تحارب بدماء غيرها.
فبقدر ما يقيم اليوم العالم مبادئ انسانيته ، وينادي بتحقيق شعارات العدالة، ومبادئ حقوق الانسان وحق التعايش، والسلام فهو يلوح من بعيد بترسانة هائلة من أسلحة الدمار الشامل، والتي تكفي لوضع حد للحضارة الإنسانية، وهذه هي من مفارقات هذا الانسان الشرير بطبعه كما يرى البعض او الخير بطبعه كما يرى البعض الاخر من الفلاسفة.
ولا شك ان الانسان الذي خلقه الله تعالى بلا انياب او مخالب تمكن في صراعه مع أخيه الانسان ومن خلال عقله من اطلاق سباق تسلح بدءا من الحجر ومرورا بالسكين وحتى البندقية، ووصولا الى اليوم الذي يعج فيه العالم بالصواريخ والطائرات وترسانات الرؤوس النووية التي تمحو المدن وتجعلها قاعا صفصفا، وقد تحقق عمليا الردع المتبادل مع تفوق صناعة السلاح ووصولها الى مستويات لم يكن يمكن تخيلها في الماضي.