«بحثاً عن حياة» عنوان عريض يتصدر قائمة الأمنيات للمواطن في الأردن والعالم على حد سواء مع فرق المعيشة ومع أساليب البحث عن معنى الحياة وتأمين متطلبات المعيشة الكريمة والحصول على دخل مناسب وغذاء صحي وتعليم متقدم ومأوى شريف وقائمة ذات أولوية من الأحلام اليومية مزدانة بالقلق والخوف والترقب والأمل والرجاء.
حين كتبت عن من يعيش في الخارج، تمنى البعض علي الإشارة إلى الظروف الطاردة والقاهرة والتي تقود للهروب إلى الخارج وتحمل الصعاب من أجل البحث الأزلي عن حياة كريمة وطيبة ونفس راضية.
نشير دوما إلى الترف الذي نمارسه حين نتحدث عن حملة للخير مع مستهل رمضان المبارك والذي سوف تنطلق من خلاله العديد من المبادرات الخيرة وتلمس حاجة المحتاج والفقير تحديدا في رمضان بنفس قوي وخارج الشهر الفضيل وبدرجات أقل.
المئات من الجمعيات والصناديق الخيرية والتبرعات والصدقات وأموال الزكاة والكثير من المبادرات الرائدة ومع ذلك تبقى أعداد الحاجة في ازدياد وأهمها الطلب على التعليم قبل الصحة والغذاء وقبل أي بند من متطلبات المعيشة اليومية، فلماذا ذلك كله وعلى من تقع مسؤولية الحماية الاجتماعية؟
الشركاء في رعاية المحتاج كثر؛ يصلون إلى مناطق وحالات صعبة وذات أهمية خاصة، ولعل التقارير السنوية للجهات المشاركة في عمل الخير تظهر أعداد المستفيدين من التغطية المعنوية والمادية والدعم المتاح على مدار العام ومع ذلك تبقى الحاجة ملحة في سد الفجوات بين من يطلب ومن يستفيد ومن يقدم الدعم المناسب من الغذاء والدواء والرعاية النفسية والمادية وعلى الرغم من الجهود المضنية للتعامل مع حالات العوز والحاجة والخبرة في هذا المجال مدعمة بقاعدة بيانات دقيقة.
بحثا عن حياة وهروب الشباب والكفاءات لقاء الشد العكسي بين الحكومات والدول (عن قصد وغيره)، يضعنا أمام معضلة ترف التنظير تجاه الحاجات الملحة والأولويات والتي تقف سدا منيعا تجاه التقدم نحو الأمام والسير قدماً في التنمية الاجتماعية الشاملة.
ترف الخطاب الموجه للشباب والمرأة هذا الوقت تحديداً يحتاج إلى ترشيد وواقعية؛ كيف يمكن اقناع هذه الفئة بالتغلب على التحديات التي تواجهها سواء الثقافية منها والاقتصادية والعقبات التي تداهم صفو يومها ومعيشتها؟
الكتابة عن الهم ليس مثل عيشه والتفاعل معه ومع البدائل المتاحة وضغوطات الحياة وأساليب التعاطي معها بردود فعل متباينة ومن زوايا مختلفة ومن خلال واقع عملي صعب لتأمين عناصر النجاة لها.
تجربة الخدمات والمطالب الجاهزة والحلول المؤقتة لم تعد تجدي نفعاً؛ لا بد من مواجهة الواقع الحالي المعاش وتلمس الكثير من بواطن الحاجة وسبل المعالجة ورفع المستوى بدل الاعتماد على الاخذ والمطالبة دون جدوى البحث عن حلول جذرية لكسل الشباب في أسر معينة واعتمادهم على الحلول المقدمة والتضحيات من الآباء والأمهات والاجداد والجدات وبعض من أفراد العائلة والمجتمع.
الترف في التنظير ومن خلال العديد من المواقع أصبح سهلاً، ولكن يمكن فعلا القضاء على البطالة والفقر خلال فترة قياسية من التخطيط والتنفيذ؟ وهل يمكن لجميع المبادرات الانخراط في مشروع واحد كبير هدفه الواضح والمباشر توفير فرصة عمل مناسبة لجيل من الشباب وصقل شخصيتهم وإبراز هويتهم الوطنية الأردنية وشد عضلاتهم وتقوية أجسامهم قبل عقولهم؟
يمكن المقارنة بسهولة ويسر بين تجربتنا في التنظير وتجربة الآخرين في مجالات كثيرة، ولكن المطلوب بثقة الاستماع إلى صوت العقل حين التعامل مع من يقف بالمرصاد لمطالب فئات أصبحت مهمشة وتبحث عن القليل بين ركام الزمن.
fawazyan@hotmail.co.uk
الرأي