رسالة إعتذار لكل الأسرى الفلسطينيون
راسم عبيدات / القدس
11-01-2007 02:00 AM
بقلم: راسم عبيدات
رفاقي وإخوتي الأسرى ، أبو المجد ، شادي ، الشمبر ، هيثم ، أبو الليث ، أبو سامر ، أبو
علم ، ياسين ، أبو الحكم ، أبو الناجي ، آل أبو حميد ، أبو حذيفة ، أبو شادي ، توفيق ،
بلال ، سامر ، نائل وكل جموع الأسرى ، وصلتني رسائلكم ، هذه الرسائل التي حملت أسمى
وأصدق المشاعر ، والكثير ، الكثير من المعاني والإستفسارات ، والخوف من المستقبل ،
وعبارات السخط والإدانة والإستنكار الشديد ، لما يحدث بين أخوة ورفاق السلاح والنضال
والكفاح والمعاناة من إحتراب وإقتتال ، قد يطيح بكل المنجزات والمكتسبات التي حققها
شعبنا الفلسطيني ، على مدار سنوات نضاله وكفاحه الطويل ، هذه الرسائل أشعر رغم إمتهاني
للكتابة ، منذ أكثر من ربع قرن ، أنني عاجز عن الرد عليها ، وبماذا أرد وأكتب لكم ؟ هل
أرسل لكم رسائل تزيد من معاني الإحباط واليأس ؟ أم أرسل لكم رسائل مليئة بعبارات الدجل
والنفاق الإجتماعي ؟ أم رسائل تجمل وتزين الواقع المحزن والمبكي ؟ أم رسائل تبث شعور
كاذب بالأمل والمستقبل الواعد ؟ ، هل أقول لكم أنكم ورقة للمساومة والمزايدة ، وإثارة
المشاعر والعواطف ؟ ، وأن الكل يتغنى بكم ويتباكى عليكم ، ولا يفعل إلا القليل ، القليل
من أجلكم ؟ ، وهل أحدثكم عن أكاذيب وشعارات ممجوجة ومكرره ، يرددها الكثير من قادتنا
السياسين ، ومن مختلف ألوان الطيف السياسي ، بأن مصلحة الوطن فوق كل الإعتبارات ، والدم
الفلسطيني خط أحمر ، وشعبنا الفلسطيني محصن ضد " فيروس " الحروب الأهلية والإقتتال
الداخلي ، ولكن ما يجري على الأرض ، يفضح زيف كل الإدعاءات والشعارات ، حيث الإشتباكات
وعمليات الإختطاف والإختطاف المضاد ، والتحريض والقدح والتشهير وعبارات التخوين ،
والإقتحامات التي طالت حتى المشافي ، متجاوزة بذلك كل الخطوط الحمراء والسفراء ، وطبعاً
كل ذلك يجري وينفذ باسم الوطن والشعب الفلسطيني ومصالحه العليا ، والصحيح هو باسم
الفئوية المقيته ، والمصالح والإمتيازات والأجندات والصراع على وهم السلطة ، والجرح
يزداد تعمقا وإتساعاً كل يوم ، والفلتان بكل أشكاله وألوانه وأنواعه ، يمتد على كل
مساحات الوطن ، ويطال كل شيء ، لا حدود ولا قواعد ولا محرمات ، ورأس الهرم السياسي
الفلسطيني ، الرئاسة والحكومة والأجهزة الأمنية ، طرف أساسي فيه ، وهم من يتحملون
المسؤولية المباشرة بالأساس ، ولكن في بلد لا سيادة فيه ولا قانون ولا محاسبة أو مساءلة
، الكل يخلي مسؤوليته ويتهرب منها ، ويلقي بها على الطرف الآخر ، أو على قوى خارجية ،
أما هو فصفحته بيضاء ككرة الثلج ، والعجيب الغريب ، أن الجميع متفقون ، بأنه لا حل
للأزمة إلا بحكومة وحدة وطنيه ، برنامجها السياسي ، يقوم بالأساس على وثيقة الوفاق
الوطني - وثيقة الأسرى - ، وإتفاق القاهرة ، آذار/ 2005 ، ولكن حتى اللحظة ، حكومة
الوحدة الوطنية لم ترى النور ، لماذا ؟ ، والجواب بإختصار هو ، أنه إذا كان البرنامج
السياسي ليس هو المشكلة ، أو الضغوط والإملاءات الخارجية ، فهذا يعني ، أن المشكلة ،
تكمن في المحاصصه ، والصراع على الكراسي والمناصب والمصالح والإمتيازات ، وما يسمى
بالوزرات السيادية ، والتي طبعاً ، كل من يشغلها بحاجه الى تصريح إسرائيلي للحركة أو
المرور ، وبالتالي يصبح المطلوب ، التنازل قليلاً ، ومن الطرفين ( حماس وفتح ) ، عن
الفئوية والعنجهية في سبيل المصالح الوطنية العليا للشعب الفلسطيني ، التي يجري التغني
بها ليل نهار ، فالمعركة والإقتتال الداخلي الخاسر الوحيد فيهما ، هو المشروع الوطني ،
والرابح الوحيد ، هو أعداء الشعب الفلسطيني مجتمعين .
إخوتي ورفاقي الأسرى ، أدرك في هذا العيد ، كم كان شعوركم بالذل والمهانة ، وفي نفس
الوقت بالفخر والإعتزاز ، الذل والمهانه لأنه بإعدام الشهيد صدام حسين ، لا قيمة
للإنسان العربي ، ولا إحترام لأية مشاعر أو شعور ديني ، أخلاقي ، أو حتى إنساني ، أو
لأشهر حرم ، أو يوم عيد ، وهذا يعكس حالة الذل والهوان والإنكسار ، التي وصلتها الحالة
العربية ، بفعل قياداتها الرسمية المخصية سياسياً وعسكرياً ، والمعارضة العاجزة
والمأزومة حزبياً وجماهيرياً ، وشعور بالفخر والإعتزاز ، حيث أقدمت أدوات حاقدة ومجرمه
على إعدام الشهيد الرئيس صدام حسين ، إتفقنا أو إختلفنا معه ، فقد أثبت أنه ، ليس كبير
في حياته ، بل في مماته ، حيث واجه جلاديه القتلة المجرمين ، بشجاعة غير مسبوقة ،
إستحقت شهادة أعدائه قبل أصدقائه ، حيث قال القادة الإسرائيليون ، مهما قيل عن صدام ،
فقد ذهب الى الموت بكبرياء ، وقال عنه النائب العمالي البريطاني السابق " جورج غالوي "
، أنه العين المبصرة في غابة عربية عمياء ، أما الردود العربية الرسمية ، على جريمة
الإعدام ، فهي أكثر من مخزيه ، وفي أغلبها لم تخرج عن إطار الإدانة والإستنكار ، ليس
لجريمة الإعدام بحد ذاتها ، بل لتوقيتها ، أما نحن الفلسطينيون فكان يجب أن يكون صوتنا
وموقفنا أوضح ، فالرجل لم يخذلنا حتى في أشد وأحلك المواقف ، ففي ذروة حصار بلاده ، كان
يقدم لنا الدعم والإسناد ، والرجل كان قومياً وعروبياً من الدرجة الأولى ، ووقف إلى
جانب كل القضايا العربية ، والإعدام لم يستهدف صدام لشخصه ، بل إستهدف إعدام نهج بأكمله
، النهج العروبي والقومي ، لصالح القطريات والأثنيات والطوائف والقبائل ، كما إستهدف
توجيه رسائل لكل قوى الممانعة والمعارضة العربية ، بأن الخروج عن بيت الطاعة الأمريكي ،
يعني مصير صدام ، وأنا لست بصدد تعداد الرسائل السياسية التي أرادت أمريكيا توجيها
بجريمة إغتيال الشهيد صدام حسين فصحيح أن رحيل صدام ضربة قاسية وخسارة فاضحة ، إلا أن
الفكر القومي والعروبي ، لا بد له أن ينتصر ويعيد الإعتبار لهذه الأمة رغم شدة وشراسة
الهجمة ، وأنتم إخوتي ورفاقي صمام الأمان لهذا الشعب ، وأنتم صناع مجده ، وعلى مذبح
نضالاتكم ومعانياتكم تحققت إنجازات ومكتسبات هذا الشعب ، وأنتم العنوان الأبرز لمخاطبة
كل قادة شعبنا الفلسطيني ، والطلب منهم أن يوقفوا العبث بالمشروع الوطني ، وأن يحتكموا
إلى لغة الحوار ، وأن يغلبوا المصالح العليا للشعب الفلسطيني على مصالحهم الفئوية ، وأن
يحترموا إرادتكم وإرادة شعبنا الفلسطيني فعلاً لا قولاً ، ويعملوا على إقامة حكومة وحدة
وطنية ، تستند بالأساس ، لوثيقة الأسرى ، التي طالما تغنى بها الجميع ، وليكن إخوتي
ورفاقي الأسرى صوتكم عالياً ، ولتضاعفوا من دوركم ومشاركتكم في القرار السياسي
الفلسطيني ، فالمجتمع الفلسطيني ، ليس على أبواب حرب أهلية ، بل هو في هذه المرحلة ،
بحاجة إلى صوت العقلاء والشرفاء من هذا الشعب ، من أجل الضغط وبكل الوسائل المشروعة على
كل من يحاول صب الزيت على النار وتغذية نار الفتنة والإقتتال الداخلي ، فأنتم ناضلتم
وقدمتم التضحيات وتحملتم المعانيات ليس في سبيل مصلحة أبو فلان أو أبو علان ، بل في
سبيل الوطن ، الوطن الحر الذي تسوده المحبة والتسامح والديمقراطية والتعددية والقانون
والمساءلة والمحاسبة وغيرها من القيم والمعاني الإنسانية ، أعتذر لكم كل إخوتي ورفاقي
الأسرى لأنني أثقلت عليكم ، ولكن لا بأس فأنتم النبراس والهادي لهذا الشعب ، الذي يسير
بهديكم وعلى نهجكم من أجل تحقيق أهدافه وأمانيه ، والبوصلة التي لن تضل طريقها أبداً
shadyrasem@yahoo.com