الحفاظ على مبادئ حسن الجوار بين الدول
علي السنيد
02-03-2022 09:18 PM
باستثناء حالات الدول المحتلة التي تنتهك سيادة الشعوب الحرة ظلما، وعدوانا، وتستولي على ارضها بالقوة فهذا الوضع غير القانوني اذا تحقق فلا يمكن اعتباره شرعيا، وتظل إرادة الشعوب المغلوبة مرهونة بتحرير ارضها، واسترداد كرامتها الوطنية، وسيكون عامل التغير في موازين القوى الدافع لها كي تسترد وطنها الشرعي.
وبغير ذلك يكون الحفاظ على مبادئ حسن الجوار بين الدول اسمى، وانبل الأهداف والغايات التي ترعاها هذه الدول كي لا تتحول الى بؤر للتوتر ومدعاة الى الصراع وتناقض الارادات الوطنية التي تفضي حتما الى اندلاع الحروب. والتي لا تخاض عادة بين الدول دون النظر الى عواقبها الوخيمة على شعوبها، وما ينجم عنها من خسائر محتملة في الأرواح، ودمار يلحق ببناها التحتية، وباقتصادها، وتضرر في علاقاتها الدولية خاصة بعد نشوء وتطور المنظمات الدولية التي ترعى مبادئ السلم والامن الدوليين.
ولكن الحرب تكون قرارا مصيريا تتخذه الدول عندما تتضرر مصالحها الوطنية، وتصبح في حالة استنزاف لارادتها الوطنية، وتقرر إزالة هذا التناقض الذي يورثها الوهن والضعف على المدى الطويل.
ومن اسوء أسباب اثارة التوتر الخلافات القائمة في اطار الجوار، ولذلك يلوح شبح الحرب حتما عندما يتم خرق مبادئ حسن الجوار، وتتحول دولة الى جوار معادي لدولة أخرى، وذلك ينطوي على احتمالات اندلاع حرب مدمرة.
والاصل في الدول ان تعزز العلاقات الثنائية فيما بينها، وان تؤكد في كل سياساتها على أواصر التعاون، وتعمق الشراكة والتكامل الاقتصادي، وان تمد جسور الثقة، وان توسع العلاقات البينية، وان تمنع تطور أي خلاف او احداث من شأنها ان تهدد الامن الوطني لاي طرف.
الحرب تدمر الحضارة وتمنع تطورها وتعيد الشعوب والدول الى حالة الصراع البدائي، وتستحضر اسوء فصول التاريخ رعبا وبشاعة، ومن مصلحة أي دولة ان لا تقع في دوامة الحرب دون دواعي وطنية حقيقية. والاصل ان تتجنب القيادات الواعية وضع دولها على شفير الحرب والمغامرة بمستقبل شعوبها، واجيالها، ودفع العلاقات نحو التأزيم، وهذه من موجبات الحكمة في القيادة.
ولا شك ان الخسائر لا يمكن تداركها في حالة وقوع الحرب، وتكون وخيمة، ولن يساهم الموقف الدولي عمليا بتفادي وقوع الخسائر، وليس لتعاطف الاخرين أي اثر في تغيير النتيجة، والاصل ان تدرك القيادات الوطنية مخاطر الحروب، وان تبعد شعوبها عنها.
ومن البديهي ادراك ان الحروب عادة ما تقع في اطار دول الجوار، ويمكن لرعاية مبادئ حسن الجوار وتجنب اثارة حفيظة الاخر ان تمنع انزلاق العلاقات الثنائية نحو شفير الحروب المدمرة.
نحن نأسف وينتابنا الالم والحزن لمشاهد الضحايا والأبرياء ودمار المدن، وتحطم البنى التحتية التي بنتها الدول بعشرات السنين، وحركة التشرد واللجوء عبر الحدود، وان تكون لغة القوة هي أسلوب التخاطب بين الدول، ولكن قيادة دفة الدول تحتاج لقيادات واعية تستطيع ان تعبر بشعوبها نحو بر الأمان.