نشر موقع عمون خبرا على لسان رئيس مجلس النواب يشكو فيه غياب أكثر من نصف أعضاء المجلس وبالتالي فقدان النصاب القانوني وتعطل أعمال المجلس.
وأقتبس هنا ما نصه: "إن مجلس النواب المكون من 130 نائبا لا يمكنه توفير نصف هذا العدد من أجل إقرار مشروع قانون"، وأنه لعدم اكتمال النصاب وفقدانه وعدم رد أحد ترفع الجلسة".
ليست هذه المرة الأولى أو العاشرة التي ترفع فيها جلسات مجلس النواب لعدم توفر النصاب القانوني لعقد الجلسات ولن تكون الأخيرة، فضلا عن تذمر رئاسات سابقة للمجلس حيال هذا الشأن الذي خرج عن نطاق المألوف، وتعدى حدود الانطباع وتحول إلى ظاهرة يستدعي الوقوف عندها، تؤكد حقيقة أن الوصول إلى سدة البرلمان أصبحت تمثل أحدى أشكال الترف وحب الظهور والتباهي الاجتماعي، بعيدا عن الأمانة والمسؤولية التشريعية المنوطة بدور المجلس.
نفهم جيدا حدود علاقة المجلس مع السلطة التنفيذية ومدى مجاملة الحكومة على حساب دوره وفقا لفرضية المصالح المشتركة، والملفت أن صيحة رئيس "المجلس" على ممارسات عديد النواب وصلت إلى حد لا يمكن السكوت عنه لما ينجم عنه من تعطيل لدور المجلس التشريعي، بما يفتح باب الاجتهاد وترجيح نظرية المؤامرة في معاقبة 71% من الأردنيين الذين فضلوا البقاء في بيوتاتهم ولم يشاركوا في العملية الانتخابية إثر ظروف موضوعية حتمت عليهم مراقبة المشهد عن بعد، والمفارقة أن مظاهر الأداء النيابي المتعثر تزامنت في وقت حرج لا سيما وأن البلاد على أعتاب استحقاق إجراء الانتخابات البلدية واللامركزية، يُخشى والحالة هذه أن تؤثر على مستوى التصويت وتضرب العملية الانتخابية في مقتل.
على رئاسة المجلس أن تتعامل بجدية أكثر مع المتغيبين وتتكفل بنشر أسمائهم باستمرار حال تغيبهم عن حضور الجلسات بلا عذر من باب الشفافية ومكاشفة الرأي العام، والنظر في إمكانية البحث في احتساب المكافأة المالية التي يتقاضونها تبعا لعدد حضور الجلسات، لعلها تسهم في الحد من نسبة التغيب وتتيح للمجلس الارتقاء بأدائه بما يكفل تحسين صورته التي تآكلت على المستوى الشعبي، ويرفع من نسب المشاركة في الاستحقاق الدستوري النيابي القادم.
إذن، رئيس مجلس النواب يتذمر ويضيق ذرعا بممارسات أكثر من نصف المجلس النيابي الذي يهرّب النصاب القانوني، سواء أكان بقصد أو غير قصد، ويعلن انتقاده على الملأ رفضه لتعطيل دور المجلس التشريعي، ليستمر النواب الإمعان في ضرب سمعة المؤسسة التشريعية المهشمة، وهي تعطل أولى مهامها على مستوى التشريع.
الأولى في نوابنا العمل على تحسين صورة المجلس في أعين الناخبين، ورفع مستوى الاهتمام الشعبي بالبيت التشريعي وتجاوز حالة العزوف عن المشاركة في الانتخابات التي لم تتعد 29% ممن يحق لهم التصويت، والعمل على استعادة بريق المجلس إن كان متاحا، ليبقى المظلة وملاذ المواطن الآمن في وجه تعسف الحكومات، ويكون على قدر كاف من المسؤولية تؤهله لأن يكون ممثلا وحارسا على مصالح الشعب.