هوس وجوع شديد عجيب بلقب سفير النوايا الحسنة
الدكتور خلدون راغب الخطيب
01-03-2022 02:40 PM
رغم أن لقب ( سفراء النوايا الحسنة ) ينطوي تحت خانة ( التشريفات ) ، التي يمكن أن تحصل عليها بعض الشخصيات العامة ، مقابل الاعتراف بالقيمة التي تضيفها إسهاماتهم الإنسانية في تحويل مشهد الحاضر إلى الأفضل ، فإن بعض شخصيات الوطن العربي ، قد يغفلون أحياناً جانباً مهماً من التزامات ومسؤوليات هذا التكريم ، الذي يتم فيه الاستعانة بشهرة هؤلاء الأشخاص وقدرتهم على التأثير في مجتمعاتهم ، لمعالجة بعض قضاياه الاجتماعية والإنسانية بشكل يسهم في تغيير مجريات الأمور على أرض الواقع ، ويساعد على نشر الوعي العام بضرورة تبنّي هذه الشخصية العامة للقضايا الاجتماعية والبيئية والثقافية والإنسانية المحلية والدولية وغيرها.
هناك هوس وجوع شديد عجيب في ما يتعلق بلقب سفير النوايا الحسنة ، بين يوم وليلة تسمع عن لقب سفير النوايا الحسنة لشخص لا يملك أي مؤهلات تذكر سوى أنه ( يجعجع ) بأعلى صوته في وسائل التواصل الإجتماعي والمنتديات والصالونات ، وتخرج واحدة من حيث لا ندري لتعلن أنها سفيرة منظمة لشؤون أصحاب الهمم ، وغيرها الكثير من الألقاب والمسميات العجيبة والغريبة ، القاسم المشترك فيها البحث عن الشهرة واللقاءات التلفزيونية والصحافية ، واللقاءات مع المسئولين وغيرها وتحصيل المنافع الكبيرة إسم سفير النوايا الحسنة .
من أجل الشهرة لم أعد أستغرب أبداً إنتشار عشرات الألقاب ، وغالباً تم شراؤها في مناسبات مدفوعة الثمن ، دون أن يكون لصاحبها أي تأثير إيجابي في المجتمع ، في استخفاف رخيص بالمتابعين وأصحاب التخصصات ، وعلى النقيض من ذلك أصحاب الإنجازات الحقيقية والابتكارات ، ومن قدّموا خدمات إلى المجتمع بكل إخلاص وتفاني ، فنجدهم دائماً خلف الكواليس لأنهم لا يجيدون تسويق أنفسهم ، ولا يحبون التصوير والتصنع والاستعراض ، والأسوأ من ذلك أن العديد من المؤسسات الإعلامية باتت تستضيف من لا صنعة له سوى الكذب والتضليل على المشاهدين والمتابعين ، فصارت طريقة من طرق الانتشار والدعاية لمن لا يستحق.
قد لا تكون تلك الألقاب مؤثرة ، وربما تقتصر على كونها نوعاً من أنواع البرستيج فقط ، هنا قد يكون الموضوع أقل خطورة لأنه لا يسيء إلى أحد ، ولا يقدم أي ضرر ، لكن هناك فرق عندما تكون تلك الألقاب نتيجة التزوير والشراء ، لنفرض أن أحدهم قدم نفسه على أنه خبير في تخصص معين ، وأخذ يروج طريقة جديدة في إختصاص معيّن ، رغم أنها لاتزال قيد الأبحاث والدراسة ، ثم نكتشف بالأدلة الدامغة أن المؤهلات ليست حقيقية ، والطريقة نفسها غير قابلة للتطبيق ، هنا يتحول الموضوع إلى قضية لا يمكن السكوت عنها ، ويجب التحقيق فيه ، ومساءلة كل من كانت له يد في بث ونشر الوهم والكذب على الناس البسطاء والمجتمع.
المجتمع الأن في الوقت الحاضر أكثر وعياً من السنين الماضية ، وأصبحت لديه القدرة على كشف الأكاذيب والتزوير وبائعي الأوهام ، وغيرهم ممن يسلكون تلك الطرق الملتوية ، ولم يعد الموضوع مقتصراً على الجهات الرسمية ، بل إن أفراد المجتمع أصبحوا شركاء لا يُستغنى عنهم في كل كشف مثل هؤلاء.
أخيراً وليس آخراً .. لابدَّ أن أذكر أنه في وقتنا الراهن ما أكثر الكاذبين الباحثين عن الشهرة ، وما أكثر الإمَّعات الذين يصفقون لهم !