من بواعث القلق الذي ينتاب العالم ككل من الغزو الروسي لأوكرانيا هو ارتدادات الحرب المباشرة وغير المباشرة على الاقتصاد العالمي فسرعان ما ارتفعت أسعار النفط ويتوقع أن تبلغ 120 دولارا للبرميل خلال أقل من أسبوعين واضطراب أسواق المال والبورصات وأسعار السلع وخاصة الغذائية منها .
روسيا وأوكرانيا من أكبر البلدان المنتجة للقمح والشعير والذرة والزيوت النباية واللحوم والنفط الخام والمعادن وغيرها وتؤثران مباشرة في الأسواق العالمية وهما لاعبتان أساسيتان في تحديد اتجاهات أسعار العديد من السلع .
الاختبارات الدولية الضاغطة تمثل أحيانا فرصة لاعادة التفكير بالمنهجيات الاقتصادية وكيفية التحوط على أكبر قدر ممكن من السلع الأساسية والمواد الأولية والنفط الخام وخاصة من قبل الدول غير المنتجة لها مثل الأردن لتفادي أي تقلبات في الأسواق العالمية وتقليل حدة الانعكاسات السلبية على فاتورة المستوردات .
في مقاربة بسيطة كان مخزون الأردن من مادة القمح قبل الأزمة المالية العالمية عام 2008 يصل في الحدود العليا الى 8 أو 10 أشهر لكفاية الاستهلاك المحلي ونتيجة للاستجابة لتبعات الأزمة وتداعياتها أمكن اليوم بناء مخزون استراتيجي يكفي لمدة 15 شهرا ووصل بعض الأشهر الى 20 شهرا مع امكانية التحوط على مزيد من الكميات نتيجة للتوسع بانشاء الصوامع والمستوعبات في عدة مناطق من المملكة .
حتى هذه اللحظة ارتفعت أسعار القمح مع بداية الحرب 30 دولارا للطن ولو لم يكن الأردن تحوط على تلك الكميات لواجهت الحكومة صعوبة في عملية الشراء ولارتفعت فاتورة الشراء بنسبة كبيرة سيما وأن الاستهلاك المحلي يقدر شهريا بحوالي 80 ألف طن .
وفي ضوء النجاج الذي تحقق في سياسة التحوط الخاصة بمادتي القمح والشعير يفترض أن يتم البناء على هذه التجربة الناجحة لتشمل سلعا أساسية أخرى بتشاركية مع القطاع الخاص حتى يستطيع الاقتصاد الوطني امتصاص الآثار المباشرة لهكذا أحداث في ظل متوالية الأزمات التي يشهدها العالم باستمرار .
ويمكن أن يتم تحديد السلع الأكثر حساسية للأزمات العالمية والقابلة للتخزين فترة طويلة ووضع آليات بالتنسيق مع القطاع الخاص للتحوط على أكبر كميات منها .
العديد من البلدان العربية والأجنبية تواجه تحديات اليوم في عدم قدرتها على شراء القمح كون مخزونها لا يكفي احتياجاتها أكثر من شهر وقلة أيضا الكميات المتوفرة من السلع الأخرى .
الدستور