عن دور المجلس الأعلى لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة: محاولة للفهم
زيد فهيم العطاري
28-02-2022 08:54 PM
يقول العالم صامويل هنتنجتون أنه كلما أشتدت حالة الاحباط وارتفع مستوى الوعي تأخذ الفجوة بالإتساع بين المواطن ومؤسسات الدولة، مما يؤدي إلى تنوع أشكال الاحتجاج والتعبير عن حالة عدم الرضا والتي قد تؤدي إلى الفوضى، ويبدو بأن هذه النظرية أخذت تلقي بظلالها بشكلٍ لافت على العلاقة بين مجتمع ذوي الإعاقة والمجلس الأعلى لحقوقهم، حيث أنه وفي ضوء اشتداد الضغوط بشكلٍ متضاعف على فئة ذوي الإعاقة كنتيجة طبيعية لما تشهده حالة البلاد اقتصادياً على الأقل فإن حالة السخط واللوم الذي قد يصل إلى حد الانتقاد غير الهادئ لدور واحدةٍ من مؤسسات الدولة وهي المجلس الاعلى لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة تستدعي وقفةً لمحاولة فهم دور هذه الجهة والوقوف على مسافةٍ واحدةٍ من الجميع إن أردنا المباشرة في ترميم العلاقة وإعادة انتاجها لتنعكس بشكلٍ ايجابي على ذوي الإعاقة ومؤسستهم المعنية بتخطيط ما يضمن لهم حقاً وواجباً ومواطنةً فاعلة في دولة القانون والمؤسسات.
المادة الثامنة من قانون حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة رقم 20 لسنة 2017 أجملت الدور المنوط بالمجلس الأعلى لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة بعشرٍ نقاط أثنتين منها تبدأ بكلمة اقتراح، حيث على المجلس اقتراح السياسات والتشريعات من أنظمة وقوانين ووضع الخطط والبرامج ذات الصلة بتطبيقها، بمعنى أنه ووفقاً للقانون لا يوجد صلاحيات للمجلس تمكنه من إلزام أية جهة رسمية، المهام الأخرى تتوزع بين الرصد وتقديم الدعم الفني لمؤسسات السلطة التنفيذية، وإبرام الإتفاقيات ومذكرات التفاهم وتشكيل اللجان، وإعداد المسوحات، وفي هذا المقام وجب التوضيح بأن المهام الرصدية الموكلة للمجلس بموجب القانون لا تتعدى مهمة الرصد أي أنها لا تملك صلاحياتٍ رقابية ملزمة مصحوبة بأدوات قانونية تستخدم ضد أية مخالفات تُسجل، بمعنى أن المجلس الأعلى يُعد بالقانون جهة رسمية ذات خبرةٍ وتُقدم المشورة والدعم الفني وفق ما ينص عليه القانون الموسوم بالعصري.
استناداً لما سبق فإن توضيح الصورة وردم الفجوة يستدعي إعادة ترميم العلاقة بين المجلس الأعلى لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة ومجتمع ذوي الإعاقة ومن يدور في فلكهم من خبراء وجهات معنية وذات صلة، من خلال المزيد من التطوير في الأداء في ضوء الأدوار المعطاة، فعندما تكون على سبيل المثال إحدى وظائف المجلس ومهامه القيام بعمليات الرصد وإجراء المسوحات فإن ثمار هذا الجهد وما يخرج به من أرقام وأحصاءات حريٌ الاهتمام بها وإيصالها للرأي العام لما لهذه المؤشرات من دلالةٍ على إنجاز المجلس أولاً وتشخص الواقع ثانياً. كذلك فيما يخص رسم السياسات واقتراح الأنظمة والقوانين أو اقتراح تعديلها فيجدر أن يكون المجلس مبادراً بشكلٍ أكبر في قرع جرس التواصل والتشاركية واجتراح الحلول لخلق هذا التواصل الذي سينتج مع مرور الوقت مجتمعاً حقوقياً وازناً مؤثراً يكون رديفاً للمجلس في جهوده في مقارعة مؤسسات السلطة التنفيذية المنوط بها تطبيق مواد القانون رقم (20).
في ذات السياق فإن من الضروري التفكير في تطوير المادة رقم 8 بصورة تمنح المجلس الأعلى مزيداً من الثقل التأثيري في إنفاذ بقية مواد القانون الخاص بحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة خاصة وأن إنفاذ القوانين على الأرض يحتاج مزيداً من الأدوات وإلا فإن المواد القانونية ستبقى جامدة، إضافة إلى أهمية رفع الوعي القانوني بما يمكن اتخاذه من خطوات إجرائية بحق من يأبى تطبيق القانون سواءً في القطاع العام أو الخاص، وتطوير دور المجلس الأعلى ومختلف الجهات الحقوقية المعنية بالمساعدة القانونية.
ختاماً فإن تجسير الفجوات بين الاطراف المختلفة يستدعي تقارباً في وجهات النظر واقتراباً فيما بين هذه الأطراف بالشكل الذي يحقق الهدف الأهم وهو تحقيق المواطنة لفئة ذوي الإعاقة.