الحكومة تفتح النار على الجميع
عمر عياصرة
08-08-2010 05:11 AM
من أدبيات أي حكومة، ديمقراطية أو غير ديمقراطية، أنها إذا جاءت في ظروف اقتصادية صعبة، تجدها تعمل على توسيع هامش الحريات، وتسمح بالمشاركة المجتمعية في صنع القرار. ففي لحظة العسرة، يكون الانفتاح على المجتمع ومنحه شيئا من الحرية، مساعدا في التخفيف من المأزق الاقتصادي ومن الاحتقان الشعبي، وبالتالي منع خروج الناس إلى الشارع.
حكومة سمير الرفاعي، لا تؤمن بمثل هذه المعادلة، بل على العكس من ذلك، تعمل حكومته -وبالتزامن مع اشتداد الأزمة الاقتصادية- على استهداف الحريات، واستفزاز أكبر كم من الشرائح المجتمعية ووضعها موضع المواجهة مع الدولة.
أدلة ذلك كثيرة وبيّنة، فالحكومة تواجه اليوم قطاعات هامة ومتعددة (المعلمين، عمال المياومة، فئة من المتقاعدين العسكريين، الحركة الإسلامية، الإعلام الإلكتروني، الفقراء، وغيرهم)، وهذه المواجهة تخضعها الحكومة وتصر على إيصالها لمرحلة كسر العظم ولا غير.
بنية الحكومة الحالية غريبة نوعا ما، فأغلبية الفريق الوزاري غير معني بالشعبية ولا بالقرار المحمود، فقد تولى الوزراء حقائبهم بمعزل عن إرادة الجماهير، فكيف لهم أن يلتفتوا للناس وهمومهم، وكيف لهم أن يتخذوا أسلوبا غير التصعيد وفرض الأمر الواقع بسلاح القانون المؤقت.
حتى بعد التعديل الوزاري التكتيكي، الذي خيّل للبعض أنه جاء لينهي أزمات وملفات عالقة، وحمل معه أسماء مرحبا بها (خالد الكركي)، رغم ذلك، واصلت الحكومة معاركها على جبهات أخرى، وأصرت على افتعال أزمات وشراء أعداء.
فالحكومة اليوم، تفشل في إغلاق ملفات الأمس، وتواجه بمقاطعة يتصاعد شأنها، ومع ذلك هي غير معنية ولا تبالي، كأن الوطن حيز قاصر على مكاتب وبناية في الدوار الرابع.
بل جل ما تهتم به الحكومة في هذه اللحظة الحرجة، هو العبث مع الإعلام الإلكتروني، ومحاولة الاستقواء عليه وتكميمه وتدجينه ليفقد مبررات وجوده وإثرائه للحالة الوطنية الناقدة للأداء الرسمي.
جملة الأمر، أننا أمام مأزق واضح يتعلق بكيفية إدارة هيئات الوطن، فالولاية العامة المنوطة بالحكومة وفق الدستور، أضحت أكبر من الفريق الوزاري الحالي (هيَّ كبيرة عليهم)، والتفلتات الحاصلة في مشهدنا تستدعي إعادة نظر، ووقفة تأمل وطنية تبدأ من تبريد كافة الملفات ووضعها إزاء الحل.
السبيل