الغرب يكشف عنصريته المقززة
د. صبري ربيحات
28-02-2022 02:29 PM
"لا فاوكرانيا ليست العراق ولا افغانستان فهي بلد اوروبي متحضر" بهذه الجملة اجاب احد المراسلين الصحفيين عندما سئل عن تعليقه او تفسيرة للتناقض بين مواقف الانظمة الغربية حيال فعل الاعتداء الذي قامت به روسيا على اوكرانيا قبل ايام وما قامت به الولايات المتحدة الامريكية من اجتياح لافغانستان واحتلال للعراق في مطلع الالفية الثالثة وما نجم عن ذلك من تدمير للجيش والاقتصاد والدولة وكافة البنى السياسية والادارية والتعليمية والصحية وتشريد للشعوب ونهب للموارد وتجريدها من كرامتها الوطنية تحت غطاء من الاكاذيب والادعاءات الزائفة
هذا الموقف الذي عبر عنه الصحفي قد يكون اكثر اعتدالا من مواقف الدوائر والقوى والمراكز التي تضع الخطط وتعد التصورات والسيناريوهات عن العالم والثقافات والشعوب وتضع استراتيجيات وخطط التعامل معها. بعضنا لا يعرف كيف يرانا الغرب وكيف يقيمنا العالم ويغوص في دوامة وزعم وقصص نحكيها لانفسنا عن انفسنا باننا مقدرين وموجبين ومحترمين...
قد يكون ذلك الكلام صحيح الى حد ما لكنه مرتبط بان نبقى بلا رؤى وبلا اهداف وبلا طموحات وفي اللحظة التي نفكر في بناء قوة ذاتية او نهتم بالتصنيع المحرم علينا والممنوع او نرفع صوتنا بضرورة تحرير الاراضي المغتصبة واخراج المغتصبين منها فسنتحول الى ارهابيين واعداء وشياطين غير محبين للسلام وسنطارد كما جرت مطاردة صدام..... الكيانات او الدول المرضي عنها كيانات وظيفية مهمتها القيام بادوار ترسمها القوي الغاشمة وترضى عنها.
مواقف العالم الغربي وعملاءهم واتباعهم في العالم العربي والثالث كانت مؤيدة للغزو ولكل القتل والتدمير اللذين حصلا بعدما ابتلع الجميع تفاصيل الروايات المزيفة التي صنعتها الاجهزة الاستخبارية الامريكية وتبنتها ادوات الهيمنة التي تسيطر عليها الولايات المتحدة واعوانها وبعدما اجتهدت ماكنات الاعلام الصهيونية في الولايات المتحدة والعالم على تصوير العراقيين والافغان كبرابرة وارهابين يشكلون خطرا على العالم ويملكون اسلحة نووية وبيلوجية.
في الغرب الذي يمارس التجهيل والتعالي والاستعمار لا معنى لكل القيم التي يسوقونها ويتشدقون فيها الا داخل حدودهم الجغرافية وعلاقاتهم البينية وفي الاوقات التي يرون فيها اهمية تجريم دولة او شهب او زعيم. عندها فقط يستعدون منظومة قيمهم الناعمة التي تتحدث عن مبادى تقرير المصير وارادة الشعوب وحقوق الانسان واهمية السلام وتحريم اللجوء الى القوة وديمقراطية الخيارات ومنع استخدام الاسلحة وتجريم ترويع الاطفال والمرضى والشيوخ وضرورة الاخلاء للمناطق المأهولة وقت العمليات او تجنبها وغيرها من الصياغات التي تستوقفنا قرأتها ويذهلنا انتقائية تطبيقها.
في مواقف الولايات المتحدة المناصرة والداعمة للكيان الاسرائيلي المحتل والمعتدي وتوفير الغطاء القانوني والحماية لتعدياته براهين كافية على الروح الاستعمارية المختبئة خلف كل الادبيات التي يستخدمها الساسة والكتاب والمنظرين في العالم الغربي الذي يسمح لنا بان نشم الديمقراطية التي يروج لها ويمنعنا بكل الوسائل من تذوقها.
الاعمال العدائية التي قامت بها روسيا تجاه اوكرانيا لا تختلف ابدا عن ما قامت به الولايات المتحدة في العراق ومع ان الدخول الروسي لاوكرانيا جاء على خلفيات محاولة الغرب التضييق على روسيا باستمالة جيرانها ممن كانوا جزء من الاتحاد السوفياتي السابق ومخزنا لتراسنته النووية المخيفة. بالرغم من وحشية التعدي ايا كان ومهما كانت الاسباب الا ان المبررات التي قدمتها روسيا لدخول اوكرانيا كانت اكثر وجاهة من الاكاذيب التي استخدمتها الادارة الامريكية وايدتها وشاركت فيها بريطانيا والعديد من القوى الغربية وسط ترحيب الكثير ممن جرى استمالتهم او ترهيبهم ليقدموا التسهيلات المطلوبة للعدوان
نعم لا احد منا يتوقع ان تاخذ الولايات المتحدة والعالم الغربي بيده ليصعد معارج العزة وينهض كما نهضت عشرات الامم لكن المحزن استغراقنا في التبعية وتمجيدنا للافكار والقيم التي يجري استخدامها لجلد كل من يخرج عن عصا الطاعة للقوى الاستعمارية ومندوبيها في ارجاء عالم الراقدين.