تمثلت إستراتيجية الإتصال الحكومية الروسية في الحرب على أوكرانيا منذ انطلاقتها في تشكيل التصورات أمام المواطنين الروس، في أن موسكو منقذة شرق أوكرانيا من العدوان الأوكراني، إذ أعلن التلفزيون الروسي أن روسيا ستدافع عن إقليم دونباس بعد اعتراف روسيا بالمناطق الانفصالية هناك كدول مستقلة وسترسل لها قوات حفظ السلام، فيما قال الرئيس الروسي بوتين في خطاب متلفز أن دوافع الهجوم شرق أوكرانيا هو أمر دفاعي.

هذا وأعتقد المواطنين الروس بناء على ما نقلته وسائل الإعلام أن الحرب الروسية الدائرة في أوكرانيا إنما هي عملية عسكرية صغيرة في جنوب شرق أوكرانيا بينما كانت الحكومة الأوكرانية تسعى لحرب أكبر وفق ما صوره و نقله الإعلام الحكومي الروسي!.

وتواصل الحكومة الروسية خداعها للرأي العام الروسي عبر التحكم بالراديو والمطبوعات والتلفزيون وعزله عن الحقائق عبر تضييق الخناق على وسائل الإعلام الإخبارية المستقلة ووكالات الأنباء علاوة على حجب مواقع التواصل الاجتماعي فيسبوك و تويتر وانستغرام، إذا وجهت هيئة تنظيم الاتصالات الروسية أخيراً مختلف وسائل الإعلام الإخبارية المستقلة عدم استخدام كلمات "غزو" و "اعتداء" و " حرب" و"هجوم" وتحت طائلة المسائلة القانونية.

من ناحية أخرى تلعب الحكومة الروسية دورا ملحوظا في تكثيف البث الدولي والقيام بحملات إعلانية مكثفة من خلال قنوات روسيا اليوم المتعددة اللغات و التسلل إلى وسائل الإعلام العالمية لمواجهة الانتقادات ونشر الدعاية لاضفاء الشرعية على القرارات السياسية الروسية في الحرب على أوكرانيا، وسط اصرار روسيا على مواصلة القتال ومحاولة الاطاحة بالنظام الأوكراني والسيطرة على أوكرانيا عبر تكرار الدعوات من قبل موسكو القوات الأوكرانية لتولي السلطة ليتم إنهاء الحرب والجلوس على طاولة الحوار للتفاوض.

أخيراً ومع دخول العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا يومها الرابع، بدأ التمثيل الإعلامي الروسي وخطاب القوى السياسية يتجه نحو الفشل بعد عجز الحكومة الروسية على إغلاق فضاء المعلومات أمام الرأي العام الروسي من ناحية الذي بدأ يعرف حقيقة ما تقوم به حكومته على الأراضي الأوكرانية والرأي العام العالمي من ناحية أخرى، في مقابل نقل الأحداث الجارية عبر القنوات المتلفزة الأمريكية و الأوروبية ، ونجاح الحكومة الأوكرانية في الاستثمار الناجح لمواقع السوشيال ميديا في نقل الحرب الدائرة فيها من الجانب الروسي، وخصوصاً الأحداث التي تشهدها العاصمة كييف من استهداف للمباني و المدنيين والبنية التحتية بالاسلحة والمعدات الثقيلة علاوة على الخسائر التي تكبدتها القوات الروسية بالمعدات والجيش.