هل من علاقة بين القرار الظني ضد حزب الله واتهام حماس بحادثة الصواريخ?
فهد الخيطان
08-08-2010 03:56 AM
الطريقة التي تعامل فيها الاخوة المصريون مع حادث اطلاق الصواريخ على العقبة وايلات تثير الاستغراب حقا. صباح الحادث »الاثنين الماضي« وبعد اقل من ساعة على سقوط الصواريخ سارعت الاجهزة الامنية المصرية الى نفي الرواية التي تقول ان مصدر الصواريخ كان من سيناء وصممت على موقفها هذا الى اليوم الثاني, لكن ومع تأكيد الجانب الاردني ان لديه »اثباتات« بان الصواريخ أُطلقت من صحراء سيناء اخذ الجانب المصري بالتراجع عن نفيه المطلق - وهو بالمناسبة الموقف الذي اتخذه في حادث اطلاق الصواريخ الاول على العقبة وايلات في شهر نيسان الماضي - وقدم ما يشبه الاعتراف الضمني بان الصواريخ اطلقت من سيناء فعلا, واعلن عن حملة لتمشيط مناطق محددة جنوبي سيناء, لكن وعوضا عن انتظار نتائج الحملة والتحقيقات الجارية, تبنى المسؤولون المصريون في تصريحاتهم الصحافية الرواية الاسرائيلية التي صدرت مبكرا ايضا وقبل اجراء اي تحقيق وتتهم »حماس« بالوقوف وراء اطلاق الصواريخ.
كان واضحا ان الاجهزة المعنية في مصر قررت اصدار الاتهامات قبل انتهاء التحقيق وتولى »خبراء امنيون استراتيجيون« وهم كثر في مصر عرض تفاصيل تورط حماس في الحادث وسرد معلومات لوسائل الاعلام يفترض انها سرية وما زالت في مرحلة التحقيق, واللافت ان الرواية التي يروجها هؤلاء المحللون »استمعت لاثنين منهم على الفضائيات المصرية وقرأت لثالث في صحيفة الاهرام« كانت متطابقة تماما في تفاصيلها, وكأنها جاءت مكتوبة من مصدر واحد, وملخصها ان »المثلث البدوي«- على حد تعبير رئيس تحرير الاهرام في مقالته - امس الواقع على الحدود المصرية - الفلسطينية - الاسرائيلية يشهد تشكيل »لوبي من المهربين يستغل العلاقات القبلية وبعض البدو والاموال الايرانية« وهؤلاء جميعا حسب رئيس تحرير الاهرام اسامة سرايا كانوا وراء عملية اطلاق الصواريخ الاخيرة.
اما دور حماس فهو حسب قول المحللين المصريين الثلاثة كان بمثابة »المقاول بالباطن« حيث قامت بتوظيف تنظيمات سبق لها ان قتلت قادتها وصفّت وجودها في غزة وهي »جيش الاسلام وجيش الامة او جند الله«, وهذه التنظيمات التي قامت حماس بتصفيتها جسديا وتنظيميا هي من اطلق الصواريخ »لتحقيق هدف حماس من دون ان تحمّلها اسرائيل ثمن العملية« يقول سرايا.
هل يمكن لعاقل ان يصدق ان »جند الله« الذي قتلت »حماس« زعيمه في مسجد ابن تيمية ينفذ عملا بهذا الحجم بناء على طلبها?!
الرواية الاسرائيلية لحادثة الصواريخ الغامضة لا تختلف كثيرا عن »المسلسل المصري« الذي عرضه خبراء ومحللون في الاعلام المصري. نقطة الاختلاف الوحيدة هي ان المسؤولين الاسرائيليين وحسب اكثر من وسيلة اعلام هناك يجزمون بان المستهدف من الصواريخ ايلات وليس العقبة, ويشيرون الى ما يسمونه ب¯ »بؤرة ارهاب كبرى« في الجنوب الشرقي لسيناء تُعرف باسم جبل الهلال وتسيطر عليه قبيلة بدوية تتعاون مع حماس, ويؤكد هؤلاء المسؤولون لصحيفة يديعوت احرنوت الاسرائيلية »ان قوات الامن المصرية لا تدخل هذه المنطقة, خوفا من الصدام مع تلك القبائل او بدافع تلقي بعض الضباط الرشوة«.
وتضيف الصحيفة ان مصر التي باشرت تمشيط المنطقة الساحلية الممتدة ما بين طابا ونويبع تجاهلت بشكل متعمد جبل الهلال الذي تعتقد اسرائيل ان الصواريخ اطلقت منه.
واضح ان الروايتين المصرية والاسرائيلية تلتقيان على توجيه ادانة مسبقة لحماس دون الاستناد الى ادلة وقبل انتهاء التحقيقات, ولذلك على الجانب الاردني المعني بالوصول الى الحقيقة وحماية العقبة من اخطار مستقبلية ان يكون حذرا تجاه هذه الروايات ويمتنع عن تبنيها قبل ان تتوفر الادلة القاطعة بشأنها, فثمة اطراف في المنطقة ابرزها اسرائيل تريد توظيف حادثة الصواريخ في سياق اقليمي شامل, تحشد من خلاله »المعتدلين العرب« الى جانبها في حروب التصفية المقبلة. فاذا كانت لجنة التحقيق باغتيال الحريري ستتكفل بقرارها الظني المرتقب بحق اعضاء في حزب الله في احياء الانقسام اللبناني من جديد وتفجير حرب داخلية تمهد لعدوان اسرائيلي محتمل فلمَ لا تستثمر حادثة الصواريخ بقرار »اقليمي« مماثل وضد حماس و »امارة غزة« واجهاض حملة التضامن الدولي مع غزة وضد اسرائيل بعد جريمة اسطول الحرية, وحشد دول عربية في حرب اسرائيل وامريكا ضد الارهاب ممثلا في »حماس وحزب الله« ومن خلفهما ايران وسورية, كما ان توجيه الاتهام لحماس يخدم سياسة مصر القائمة تجاه قطاع غزة ويعطي مبررا اضافيا لاستمرار اغلاق معبر رفح. ذلك الهدف لن يتحقق بدون الصاق تهمة »الصواريخ« بحماس وجيشها المجهول, اين? في صحراء سيناء المصرية.0
fahed.khitan@alarabalyawm.net
العرب اليوم