تتكون أدمغتنا بشكل أساسي من حوالي 85 مليار خلية عصبية ،وتعمل الخلايا العصبية كمرسل ، ترسل المعلومات في شكل نبضات عصبية (مثل الإشارات الكهربائية) إلى الخلايا العصبية الأخرى (على سبيل المثال ، عندما نكتب ، ترسل بعض الخلايا العصبية في أدمغتنا رسالة "تحريك الأصابع" إلى الخلايا العصبية الأخرى ، ثم تنتقل هذه الرسالة عبر الأعصاب (مثل الكابلات) إلى أصابعنا .وبالتالي ، فإن الإشارات الكهربائية التي يتم توصيلها من خلية عصبية إلى أخرى هي ما يسمح لنا بفعل كل ما نفعله: الكتابة ، والتفكير ، والرؤية ، والقفز ، والتحدث ، والحساب ، وما إلى ذلك.....، ويمكن أن تتصل كل خلية عصبية بما يصل إلى 10000 خلية عصبية أخرى ، مما يؤدي إلى عدد كبير من الاتصالات في الدماغ ، والتي تبدو كأنها شبكة عنكبوت كثيفة جدًا.

عندما نتعلم ، تحدث تغييرات مهمة في عقولنا ، بما في ذلك إنشاء اتصالات جديدة بين الخلايا العصبية وتسمى هذه العملية المرونة العصبية التي تعني قدرة الدماغ على التغيير ، أي إنشاء أو تقوية أو تفكيك الروابط بين الخلايا العصبية، وكلما تدربنا أكثر أصبحت هذه الروابط أقوى فتنتقل الرسائل (النبضات العصبية) بشكل أسرع ، مما يجعلها أكثر كفاءة .

وبهذه الطريقة نصبح أفضل في أي شيء نتعلمه سواء كان لعب كرة القدم ، أو القراءة ، أو الرسم ، وما إلى ذلك.

ولتوضيح ما سبق يمكننا مقارنة الروابط بين الخلايا العصبية الخاصة بنا بالمسارات في الغابة) يعد المشي في غابة بدون ممر أمرًا صعبًا ، لأنه يتعين عليك ضغط النباتات والأغصان ودفعها بعيدًا عن الطريق لتشق طريقك، ولكن كلما استخدمت نفس المسار ، أصبح أسهل وأكثر عملية. على العكس من ذلك ، عندما تتوقف عن استخدام الممر ، تنمو النباتات مرة أخرى ويختفي الممر ببطء)، هذا مشابه جدًا لما يحدث في عقولنا - عندما تتوقف عن ممارسة شيء ما ، تضعف الروابط بين الخلايا العصبية ويمكن في النهاية تفكيكها أو تشذيبها وذلك هو السبب في أنه قد يبدو من الصعب جدًا البدء في القراءة مرة أخرى عندما تبدأ المدرسة إذا لم تكن قد قرأت طوال الصيف.  ومع ذلك ، من الممكن أن تصبح بعض الشبكات العصبية قوية جدًا بحيث لا تختفي المسارات أو الروابط تمامًا.

تُظهر حقيقة أن التعلم يعيد توصيل الخلايا العصبية الخاصة بنا مدى ديناميكية (لدونة) أدمغتنا ( أن الدماغ يتغير ولا يظل ثابتًا) وعليه فإن الممارسة أو التمرين بشكل متكرر تحفز خلايانا العصبية وتجعلنا نتعلم.

تحدث هذه التغييرات في وقت مبكر عندما يكون الطفل في بطن أمه وتستمر طوال حياة الشخص. لذا ، فإن السؤال هو ، كيف يمكننا مساعدة الخلايا العصبية الخاصة بنا على إنشاء وتقوية روابطها؟ في المقال القادم نحاول الإجابة عن ذلك.
 
* مدير إدارة المناهج / وزارة التربية والتعليم