في تحليل الوضع الراهن لم ينقصنا في أي مرحلة من عمر الدولة الأردنية التي دخلت مئويتها الثانية الارادة السياسية لتطوير الاقتصاد الوطني ومجابهة تحديات الفقر والبطالة والمديونية وتباطؤ النمو وضعف جذب الاستثمارات وانما ما يعانيه الأردن عدم قدرة الحكومات المتعاقبة في التعاطي مع ادارة الملف الاقتصادي الى أن استقر اقتصادنا في أسفل قعر الزجاجة ولم يستطع الخروج منها أو الوصول الى عتبة عنقها حتى الآن.
تزخر ادراج الحكومات بكثير من خطط وبرامج الاصلاح الاقتصادي وتتشابه جميعها في المضمون وتختلف في المسميات وكل حكومة تبادر منذ يومها الأول الى وضع برنامجها الخاص للعمل وضمن خطط ثلاثية ورباعية وخماسية و... وعشرية سرعان ما تتجمد مع استقالة أو اقالة الحكومة وتشكيل غيرها وهكذا الأمر من حكومة لحكومة .
وتتعمق هذه الحالة من التخبط وعدم اتضاح الرؤية للتعامل مع الملف الاقتصادي مع غياب الحكومة الحزبية و نأمل أن نصل قريبا وفق رؤية جلالة الملك الى تشكيل حكومات برلمانية – حزبية خلال السنوات القليلة المقبلة في سياق الاصلاحات السياسية التي ينتظر استكمالها قريبا.
والى أن نصل الى تلك المرحلة ولسد الفراغ في وضع وادامة الخطة - وليس الخطط الاقتصادية – يأتي عقد الورشة الاقتصادية الوطنية التي جاءت أيضا بتوجيهات ملكية .
وحتى يتم وضع الخطة بناء على مخرجات اللجنة المشكلة لهذه الغاية ويكتب لها النجاح يجب أن تبنى على أسس مختلفة عن النهج السابق الذي يطغى عليه الفزعات و «تمشاية الحال « نظرا لقصر عمر الحكومات وبالتالي كانت تنطوي معظم تلك الخطط على بيع الأوهام وكسب الشعبويات في الوقت الذي تعاظمت فيه مشكلات الفقر والبطالة وانحدار مستويات المعيشة وارتفاع المديونية وتراجع الجاذبية الاستثمارية للمملكة وغيرها .
ويمثل العنوان الذي تنعقد تحته الورشة « الانتقال نحو المستقبل : تحرير الامكانيات لتحديث الاقتصاد « هدفا عاما يحتاج الى عدد محدد من الأهداف الفرعية لتحقيقه وبما يؤدي الى تسريع النمو الاقتصادي وتوفير فرص العمل وتحسين الخدمات وتمكين القطاعات المعنية .
ومن هنا فان المحددات الأساسية لنجاح أي خطة اقتصادية يجب أن تقوم على تحليل الواضع الراهن وتحديد نقاط القوة والضعف والهدف العام والأهداف الفرعية بواقعية بعيدا عن المبالغة والتضخيم وسماكة المجلدات .
وفق منهجيات التخطيط الاستراتيجي الناجحة يجب وضع برنامج تنفيذي وزمني للأهداف ومؤشرات للانجاز والتقييم والمساءلة مع الجرأة وعدم التردد في التعاطي مع الخطة .
أعتقد أن الفرصة مواتية من كافة الزوايا لبدء مرحلة جديدة من التخطيط الاقتصادي السليم يكون عابرا للحكومات بحيث تبدأ كل حكومة من حيث انتهت سابقتها وتفعيل عامل المساءلة عن التقصير في الانجاز وتحقيق الأهداف .
الدستور