على إيقاع مقاومة محدودة نسبيا ووفق خطوات سريعة قامت القوات الروسية كما هو متوقع باحتلال أوكرانيا وبعثرة المجتمع الاوكراني بطريقة محسوبة تم عبرها عزل الأقاليم الأوكرانية عن بعضها البعض وهو عمل يبدو انه كان محسوبا عند صناع القرار في العمق الدولي وهو ما يشكل المبتدأ في الجملة السياسية الاستراتيجية واما الخبر الذى يشكل بيت القصيد وعنوانه في هذه الجملة السياسية فانه يكمن باستفسار ماذا بعد ؟! فماذا بعد هذا الاحتلال ولماذا قام القيصر بوتن بهذه الخطوة العسكرية في وضح النهار وكيف تم احتساب ذلك في موسكو وما الذى ستترتب عليه ابعاد هذه الخطوة ، وهي اسئلة ستبقى قيد اجابة الاحداث القادمة والتي سنحاول استشراف ابعادها عبر هذا المقال.

فانه من الواضح ان القيصر بوتن كان امام خيارين كلاهما صعب فأما ان تدخل أوكرانيا في المظلة الغربية وتصبح بذلك قاعدة عسكرية تهدد الامن القومي الروسي في الميزان الاستراتيجي او ان تضحي موسكو بالناحية الاقتصادية لاسيما في مسالة الغاز وكذلك بالتكنولوجيا العسكرية والأمنية التي تحصل عليها من الولايات المتحدة عند تصنيعها للصواريخ المدارية فكان ان اختار القيصر بوتن خيار حماية حدوده الاستراتيجية على حساب حماية ابعاده في دوائر الاقتصاد والتكنولوجيا والمكانة الدولية وهذا ما سيرتب على روسيا عقوبة لن تصل الى نقطة اشتباك مع بيت القرار الاممي لكنها ستقف على فيها روسيا على القطعة الخضراء بالمفهوم الاستراتيجي وهو القطعة التي ستكون فيها محاصرة دبلوماسيا كما هي محاصرة اقتصاديا وتكنولوجيا .

فالقطعة الخضراء التي تعنى الحبس الضمني والعزلة الدبلوماسية كما تعنى ايضا وقف كل اشكال التعامل مع الصناعات العسكرية الروسية والتي كانت روسيا تتفوق فيها على اعتى الصناعات العالمية وفى حال إقرار ذلك وهذا بتقدير بعض السياسيين ما تم فان الدب روسي يكون بذلك قد وقعت في شبك أوكرانيا وان حركته ستكون محدودة وهو في داخل الشبك كما ليس بمقدورة طلب يد المساعدة على الاقل اثناء فترة حكم الحزب الديموقراطي في البيت الابيض وهى عقوبة سيكون نالها جراء تدخله في الانتخابات الامريكية السابقة كما عزاها البعض في جملة التحليلية بهذا يكون الرئيس بوتن قد وجه صفعة لخصومه في الداخلة وقطع شبكات الامتداد عبر ضرب معقل خصومه من الخارج .

القيصر بوتن كان يعلم ان مصيره سيكون على القطعة الخضراء وهذا ما يمكن استنباطه من خطابة الطويل الذى القاه قبل شروعه باحتلال اوكرانيا وفتحه لقنوات تواصل مع ايران والهند وإرساله لرسالة مذهبية أرثوذكسية عبر اليونان وهى الثلاث مراكز التي تحاول الولايات المتحدة من احتوائها عبر الوصول للاتفاقية.

مع ايران وتعزيز مكانة الهند عبر استبدال التكنولوجيا النووية الروسية بالأمريكية وانهاء الملف التركي اليوناني عبر أرضية عمل مشتركة في البحر المتوسط حول ملف الغاز وهو ما بينة خطاب الرئيس بوتن حيال الأوضاع في أوكرانيا.

وهذا ما يعنى ان الهند قد تحصل على مكانة تجعلها بديلا للتنين الصيني في حال قبولها بالاشتراطات الأمريكية وان الأقاليم الهندية 16 قيد التنفيذ ستكون في خطوات متسارعة اذا ما انجز هذا الاتفاق وكما ان ايران ستدخل كما هو منتظر كلاعب مراقب ثم عامل في القيادة المركزية الوسطى وكما ستحصل تركيا على حصتها من الغاز وعلى مكانتها في اسيا الوسطى باعتبارها لاعب اساس وكما ستحصل اسرائيل على جملة من المساعدات السياسية والاقتصادية كما ينتظر ان يكون الاردن محور اساس في الجملة الاستراتيجية القادمة لطبيعة الجغرافيا السياسية التي يقف عليها وبهذا من المنتظر ان تتحول الاردن الى مساحة جاذبة في مسرح الاحداث وكما سيشكل نقطة محورية لبيت القرار جاء ذلك كنتيجة لوقوف القيصر بوتن على القطعة الخضراء.

(الدستور)