ثلاث قضايا هامة تستنزف رواتب الاردنيين سواء كانوا في القطاع العام او الخاص، أولها اجرة البيت او تكلفة السكن، ثم العلاج والامور الصحية وثالثها التعليم وبخاصة التعليم الجامعي، وفي كل مرحلة من عمر المواطن هنالك انفاق مركز على جهة من هذه الجهات، اما اجرة البيت فهي كما يقال في الحديث الشعبي "دين لا ينتهي".هنالك توجه عام في الدولة باتجاه تسهيل فرصة الحصول على مسكن، لكن المشكلة ان التطور الذي شهدته أسعار ألاراضي والشقق والبيوت جعل الحصول على قطعة ارض او شقة يتطلب عشرات الالاف، فليس من السهل حتى أخذ قرض بهذه المبالغ الكبيرة، فالراتب لا يستطيع حمل هذا العبء، وخلال السنوات الاخيرة قفزت هذه الاسعار قفزات هائلة فلكية أحيانا.
مشاريع الدولة لم تبدأ في هذه الفترة، فهنالك افكار كانت منذ عقود مثل صندوق الاسكان العسكري، لكن الصورة الان تبدو امامنا تحمل الافكار او المشاريع التالية:
1- صندوق الإسكان العسكري الذي تم رفع قرض المشتركين من غير الضباط من (5-7.5) الف، بينما الضابط يتقاضى (20) الفا، وهذه المبالغ وبخاصة لغير الضباط قد لا تحقق هدف الحصول على بيت او حتى بناء غرفتين في قرية المشترك، لكنها تبقى مساهمة معقولة وان كانت تحتاج الى تطوير.
2- مشاريع اسكانات وبيوت الفقراء التي امر بها الملك، والمشروع حتى الان يسعى لتأمين (2000) بيت لاسر فقيرة ومحتاجة، بخاصة في المناطق التي تمثل بؤرا للفقر.
3- مشروع التمويل الاسكاني للموظفين الذي يوفر قرضا بنكيا للموظف بفائدة او نسبة ربح اقل من السوق.
4- مشاريع التطوير الحضري، وهي مشاريع قديمة ومستمرة.
5- مشروع قرى المعلمين التي ستبدأ عمليات تنفيذ مراحلها الاولى هذا العام.
5- وهناك مشاريع اسكانية تتبناها الحكومة ومنها مشروع المدينة السكنية التي ستحمل اسم خادم الحرمين الشريفين، الذي سيقام على ارض الدولة. وهذه المشاريع تقدم الحكومة فيها الارض وتسعى لتوفير تمويل البنى التحتية، وتقول ان ثمن الشقق والارض سيكون بسعر التكلفة.
هذه المسارات المتعددة حققت نوعا من الحلول لمشكلة السكن، وكان لها اثار ايجابية، لكن السؤال كيف يمكن ان نوجد حالة توافق وتنسيق بين كل هذه المسارات؟ وكيف يمكننا بعد خمس سنوات مثلا او اكثر او اقل ان نقوّم كل هذه المسارات والمشاريع لنقول انها ساهمت في تخفيف مشكلة المواطن، واحدثت توفيرا في دخله الذي لم يتحرك الى الامام كثيرا.
وعلينا ان نلاحظ ان كثرة المشاريع والمبادرات الاسكانية وصناديق الاسكان الحكومية تقابل من الناس بتفاؤل، لكن المشكلة اذا لم تستطع هذه المشاريع ان تحقق الهدف الحقيقي وهو تأمين البيت بتكلفة معقولة، وبخاصة تلك المشاريع التي تتحدث الحكومات عن دعمها لها عبر توفير الارض مجانا او التبرع ببنيتها التحتية، فعلى المواطن ان يشعر بالفرق بين سعر وتكلفة هذا المشاريع واسعار السوق.
لا نقلل من الجهد الذي تبذله الحكومة او النوايا الحسنة لمساعدة الناس، لكن ما لا يجب ان ننساه اننا نهدف في المحصلة الى توفير سكن معقول وبسعر معقول، وباقساط لا تزيد على اجرة البيت التي يدفعها، وتتناسب ايضا مع راتبه، ولهذا فالمطلوب ان تتحرك كل هذه المشاريع ضمن معادلة واحدة بغض النظر عن الشرائح التي تستفيد من كل مشروع، لكن الهدف مساعدة الناس وان يلمس الناس اثار ذلك على حياتهم، وليس مثل ارقام النمو التي تجد الحكومات تفسيرا او تبريرا لعدم إحساس الناس بالنمو السكاني وغيره من المبررات.
النوايا حسنة والأفكار معقولة، لكن العمل بنظام الجزر المعزولة او لغايات إحداث ارتياح إعلامي لدى الناس كل هذا يفسد هذه الأفكار ولا يخدم هذه النوايا.
sameeh.almaitah@alghad.jo