أكّد الأردن في العديد من التصريحات والمناسبات على أهمية المحافظة على الأمن والسلام الدوليين والتعاون الدولي حيث أن الصلة التي تربط بين حل المنازعات الدولية والحفاظ على السلام الدولي ومنع الحرب هي عبارة عن صلة متلازمة وقوية وضمان لحل المنازعات والخلافات التي تحدث بوسائل لا يتم فيها استخدام القوة.

ويمارس الأردن سياسته الخارجية من خلال إدامة علاقاته مع دول المجتمع الدولي منتهجاً دبلوماسية فاعلة مع القوى المؤثرة بهدف تمكين استقراره السياسي والاقتصادي. ومن الميزات الرئيسة للسياسة الخارجية الأردنية حفظ الأمن الوطني وحماية المصالح العليا من تداعيات الأوضاع الدولية بما يواكب ما يبرز على الساحة الدولية من تكتُّلات.

وفي ظل الحرب "الإعلامية" بين كل من روسيا وأوكرانيا والدول الحليفة لكل منهما تُعد تقييمات المخاطر وتوقّعات المخاطر مكوّنات أساسية للسياسة العامة في الأردن. ان فهم المخاطر وتداعياتها على الدولة الأردنية يعد بمثابة الخطوة الأولى نحو الحد من تلك المخاطر وادارتها. فان فهم الاتجاهات المحتملة والدوافع الكامنة وراء المخاطر يتيح للدولة الأردنية استشراف المستقبل والقدرة على التكييف قبل وقوع الأحداث السلبية المحتملة. تواجه الأردن تحديات عميقة ذات صلة بالسياسة الدولية والتي من شأنها تهديد مسارات التنمية السياسية والاقتصادية فيها. لذلك على صُنّاع القرار في الأردن تكييف الأوضاع والسياسة الخارجية بطرق تؤدي الى تعزيز الوقاية والقدرة على التخفيف من الآثار الضارة المحتملة. تشكّل أدبيات السياسة الأردنية نقطة انطلاق ممتازة لوضع إطار سياسي لتقييم المخاطر اذ أنها تتسم (عادة) بتحديد المشكلة وتعيين نطاقها وتنظيم الموقف. ولكن من أجل فهم الشكل الذي سيتخذه النزاع الروسي الأوكراني خلال السنوات القادمة علينا أن نفهم أولاً كيفية تطور أنماط النزاع بين كل من روسيا وأوكرانيا سابقاً وأسباب تطور النزاع في الوقت الحالي، كما علينا فهم المحركات التاريخية بينهما.

لا تزال الشكوك تحيط بتطورات الأزمة بين روسيا وأوكرانيا، ويحبس العالم حالياً أنفاسه انتظاراً لما سيحدث في الأيام القليلة القادمة، ويجب على الأردن تحديد المخاطر التي يغلب عليها الطابع الداخلي بما فيها الخصائص الاقتصادية والاجتماعية والسياسية وغيرها من الخصائص ذات الصلة بالدولة الأردنية. هناك عدد من الاتجاهات على المدى القصير والمتوسط والطويل التي يُعتقد أنها تؤثر على تطور التضرر من الأزمة الروسية الأوكرانية وعدم الاستقرار السياسي في المنطقة العربية الأمر الذي من شأنه أن يثير أهمية خلق السياق السياسي الأوسع نطاقاً لإجراء عملية تقييم شاملة للمخاطر الدولية والإقليمية على الدولة الأردنية.

ختاماً، ان الاعتدال الذي يستند اليه الأردن في ممارسة السياسة الدولية يستند على المعطيات والحقائق مما يجعل الموقف الأردني يتحرك وفق معطياته وحقائق واقعة، لذلك فالأردن يتحرك وفق إمكاناته وقراءته الدقيقة لواقعه وواقع مجتمعه والمجتمع الدولي. ان التزام الأردن بالاعتدال السياسي هو الخيار الأنسب لمعالجة المشاكل والمخاطر الراهنة وبناء القوة النوعية للذات.