نحتاج "كبسولة زمنية إقتصادية" خاصة بالأردنيين !
منذر الفاعوري
23-02-2022 04:15 PM
لا يخفَ على الجميع أن للأردن نصيب كبير من التاريخ والثقافة الانسانية التي كانت حاضرة في موقع استراتيجي يربط الشرق الاوسط والغرب بالمشرق العربي وقارة آسيا، كما كانت معبرا للتجارة على مر العصور والحضارات (الكنعانية، الغسانية ،الرومانية والنبطية ..إلخ)، والتي ما زال معظم معالمها واقفا شامخا حتى يومنا هذا، وربما ستأتي حضارات أخرى على هذه البقاع لتكتشفنا (نحن الأردنيون) مجددا من خلال آثارنا العصرية أو (كبسولة زمنية) قد نتركها لمن يأتي بعدنا من البشر.
بالأمس كشفت وزارة السياحة والآثار النقاب عن المفاجأة التي تم الترويج لها إعلاميا لتأخذ عنصر التشويق والتكهنات من قبل المواطنين ووسائل الإعلام المحلية والعربية والأجنبية، تواترت ردود الفعل بين مشيد بهذا الانجاز، وبين ساخر ناقد مقلل من قيمة هذا الاكتشاف، فوسائل التواصل الاجتماعي تناقلت الصور والمعلومات بزخم كبير، والقليل من العارفين والمهتمين ثمنوا جهود فرق العمل التي سعت واجتهدت لعدة شهور وربما لسنوات لإكتشاف أثري جديد في البادية الجنوبية الأردنية وهو عبارة عن منشأة فريدة من نوعها مرتبطة بممارسة الطقوس الدينية تعود إلى 7000 عام قبل الميلاد أي العصر الحجري الحديث، وفيها أقدم مجسم معماري بالعالم وأقدم مخطط للمصائد الحجرية كما تحتوي على أشكال بشرية قريبة من الحجم الطبيعي للإنسان من نحوتات صخرية أطلق عليها اسم "الكبسولة الزمنية".
ولو أمعنّا النظر في واقعنا لعرفنا سبب عدم إكتراث معظم الناس بالجوانب الثقافية والتاريخية العريقة والتشكيك بقدراتنا أو أي منجزات تتحقق والتقليل من شأن الخبراء، ففي هذا الحدث تحديدا لم تكن هناك أجندات ولم يتم تسييس الحدث كما ظن البعض، ولكن هذا رد فعل طبيعي من مواطن اشغلته لقمة العيش وقوت يومه فلم يعد يكترث بالمستقبل، فما بالك بالماضي والتاريخ والحضارات؟.
ونستذكر عام ٢٠٠٧ إعلان البتراء إحدى عجائب الدنيا السبع، وذلك بعد مشاركة شعبية وجهود رسمية بذلت في عملية التصويت لإدراج المدينة الوردية على لائحة التراث العالمي التابعة لليونسكو لتكون بداية الانطلاق نحو العالمية، ونظراً لمكانتها وتميزها بالعديد من المعالم الفريدة اصبحت الوجهة السياحية للعديد من المشاهير، حيث تُعد البتراء اليوم رمز الأردن الأول وأكثر الأماكن جذبا للسياح على مستوى المملكة، ومع وجود إختلاف كبير بين مدينة البتراء الأثرية وحضارة الأنباط وما تم إكتشافه جنوبا لموقع يحتوي أحجار ومصائد للغزلان ومجسمات ترسم ملامح الإنسان إلا أن لكل منهما قيمة تاريخية ثقافية، وقد ندرك لاحقا ذلك.
لا ننكر أننا كشعب أردني أصبحنا نعاني حالة من "اللا مبالاة" وسط إنشغالنا بأرقام التضخم واللجوء ونسب الفقر والبطالة.. إلخ، ولا يمكن لأحد أن يتجاهل إنهاك المواطن الاردني إقتصاديا حتى أنه لم يعد لديه متسع للبهجة أو رفاهية الثقافة والإكتشاف التاريخي، والبعض يطالب "بكبسولة" خاصة لعلاج ما يعانيه المواطنون من ضائقة بالعيش وضعف الرواتب وقلة فرص العمل مقابل زيادة العجز والمديونية العامة للبلد، ويبدو أن الوقت والظروف والوضع الراهن كان يحتاج لاكتشاف "مصباح علاء الدين" أو ربما "مغارة علي بابا" ليثير بها إهتمام وبهجة المواطن الاردني.