نعيش عصر الهزائم التربوية : هزائم التراجع في مجالات مختلفة: تراجع أداء المعلمين وواجهناه بإغلاق مركز مهم جدا لإعداد المعلمين ، تراجع أداء الطلبة في امتحانات تركز على التفكير، وواجهناه بمناهج وامتحانات وكتب مدرسية تؤكد أهمية الحفظ والمعلومات ، تراجع دور المجالس التربوية، وواجهناه بإعادة تشكيلها كما هي.
إذن ، سلسلة تراجعات وهزائم، فمن الطبيعي أن نعيش بعض الهزائم ولكن ليس من الطبيعي الاستسلام أمامها ومواجهتها بتدوير شخوص المجالس وليس شخصياتها، وتنقلاتهم بين مجلس ومجلس ، بل وبالجمع بين المجالس مثنى وثلاث ورباع ولن يفلحوا ....!
فقر في التعليم مقابل جمود في المواجهة ، أصوات – ترتفع – منها صوت الملك ، وليس هناك من استجابة وما يجيبون ومن يجيبون ؟ أغلب الظن ، لم يقلق مسؤول تربوي لتغيير شيء !! وحتى لم نسمع صوت مسؤول : سلبا أو إيجابا ، فكل شيء ساكن هادئ ، ولا أعتقد أنه سكون ما قبل العاصفة ، فليس لدينا من يثير عواصف أو من يقلق مسؤولا .
ليس لدينا مسؤولون حركيون أو مهتمون، ولكن لدينا مفكرون تربويون .
طرح الدكتور ابراهيم بدران كتابا بعنوان انطلاق التعليم ، وقبله كتابا بعنوان أزمة التعليم في الوطن العربي ، وطرح الدكتور محي الدين توق كتابه في الإصلاح التربوي ، وطرح حسني عايش أفكارا متميزة ، وقد طرح الملك تصوره أكثر من مرة كما طرح آخرون تصوراتهم ، ولم يستمع أحدا .
سألت بدران : كيف توصل كتابك إلى عمال المناهج والتعليم وإلى عمال المدارس – وهذا ليس انتقاصا منهم فالإنسان الراقي في هذا العصر يسمى عامل معرفة ، تذكرت معاناتي ومعاناة عشرات الباحثين ، الذين قدموا مؤلفاتهم إلى وزارة التربية والتعليم ،وكيف تتصرف الوزارة ، وتحيل الكتاب إلى جهات التمحيص والتدقيق التي تبحث عن كلمة تخالف عادة أو تقليدا أو فكرا ، فإذا تحدث الكتاب عن مهارة للشك ، فإن ذلك يخالف موروثنا ، وإذا تحدث عن عدم تقديس ما ليس مقدسا من التراث، فإن الكتاب مرفوض . وإذا قال نريد تعليم المنطق قالوا له : من تمنطق تزندق!! وإذا تحدثنا عن الإبداع والتجديد ، قالوا : كل جديد بدعة !
فلا مجال لأي كتاب يصل إلى المعلمين أو الطلبة إلا إذا كان وفق توجهات فاحص في وزارة التربية يرى الحداثة جرما ، ويرى الإبداع بدعة!!
في هذا العصر المليء بالمعرفة ومصادرها، لا يسمح لكتاب يصل إلى معلم أو طالب!! وليس سحب كتاب الأغاني وكتاب العقد الفريد من مكتبات المدارس ببعيد !!
ما يستفز فعلا : إن الوضع لن يتغير