ممر التعافي إلى الساحات الآمنة
د. أميرة يوسف ظاهر
23-02-2022 09:22 AM
بدأ المشهد المعتاد في الكثير من المدن وفي أنحاء متعددة من العالم يعود إلى طبيعته بلا كمامات، فعند التقاط صورة لمباريات كرة القدم وألعاب جماعية أخرى، وصورة للاحتفالات والتجمعات في الأماكن العامة ومقارنتها بصور كنا نشاهدها قبل الجائحة، تنجح العديد من الدول في تطبيق مناعة القطيع للسيطرة على الجائحة وتطويق مخاطرها، ما يأخذها إلى خارج النفق للعودة بالحياة إلى طبيعتها رويدا رويدا، إذ يصعد المشاهير منصات مسارحهم مرة أخرى، ويعتلي السياسيون -بلا أقنعة- منصات خطاباتهم يهددون تارة، ويلوحون بأيديهم إلى جماهيرهم وجنودهم تارة أخرى، بينما تهدد منظمة الصحة العالمية من موجات جديدة وأشكال من الجائحة، في الوقت الذي تعمد به بعض الدول إلى الخروج من بروتوكولات الحظر، وتعود شركات الطيران لتضغط على الدول ومنظمات الطيران إلى عودة الحياة لطبيعتها، وتكتفي بعض الدول باجراءات احترازية خفيفة، وعودة آمنة لمسارح الحياة دون تشديد هذه المرة على لبس الكمامات أو شراء مواد وقاية في المؤسسات بكميات كنا نراها في عام 2020م تستنفذ موازنات المؤسسات والشركات، حتى المصابين بكورونا صار وجودهم بيننا في المنازل والطرقات وأماكن الوظيفة العامة والخاصة وضعا عاديا وكأن الفيروس بدأ ينضم لرفاق له حملهم تاريخ كوكبنا كالحصبة والطاعون وفايروسات أخرى ظهرت خطيرة في البداية ثم ما لبث أن تراجع تأثيرها وصار الإنسان قادرا على تخطي أخطارها.
فهناك كثير من الدول قامت بإجراءات ربما تكون عدوانية للتعامل مع دول أخرى خلال المراحل المتأخرة من الجائحة فالصين التزمت بحدود مغلقة مع هونج كونج التي تعاني من إجراءات معقدة في التعامل مع القادمين والمغادرين للحصول على أقل إصابات، ويسعى الأردن في المنطقة للتعاون مع دول عربية مجاورة في فتح الحدود على عواهنها والقيام بإجراءات مشتركة في الحد الأدنى لمقاومة جماعية للجائحة، وهذا يفتح باب موازي لما يحدث في كل من بريطانيا والولايات المتحدة اللتان نجحتا إلى حد كبير في تحقيق مناعة القطيع بإصابة العدد الأكبر وتلقي اللقاحات وفتح جميع القطاعات؛ للدخول بمرحلة متقدمة في التعافي من الجائحة، مما شجع دول على تبني النهج البريطاني الذي كان مستهجنا في البداية، وكان موضع خلاف كبير مع منظمة الصحة العالمية بالأخذ بهذا النهج الذي أثبت للجميع نجاعته، وما كان ليكون هذا النهج ذات فائدة كبيرة لولا ما توصل إليه العلماء من ابتكارات في مجال المطاعيم والعلاجات التي كان لها الدور الكبير للخروج عبر بوابات التعافي من ساحة هذا الفايروس الذي تحور كثيرا للاستفراد بالعنصر البشري.
ويتجه الأردن لعبور بوابة التعافي بالإجراءات التي تتم بشكل سلس ومتحضر، فوزارة التربية والتعليم تُعيد الطلبة إلى مقاعدهم وبلا إجراءات مشددة، والمؤسسات عادت لتضخ نشاطها لرفع السوية الاقتصادية، والقطاعات الصناعية تعود بكامل حملها التشغيلي، والربيع يعود متألقا كأعوام سبقت، وحتى الإصابات الخفيفة التي تحدث حولنا لا تخيفنا أو ترعبنا، ولن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا.
ولعل مناعة القطيع التي تعزى للقاحات والتحمل البشري، وقبل كل هذا هي إرادة الله أن ينجينا من هذه الجائحة التي وحدت هدف وتوجه الإنسانية في محاربة الفايروس والدفاع عن الجنس البشري، خلقت لغة إنسانية جديدة ووجهت رسالة للعالم أجمع بأن سلامة الكوكب والإنسان هي الهدف العالمي العام.