تأتي موازنة 2022 والتي تم الموافقة عليها واقرارها في ضوء متغيرات وظروف اقتصادية صعبة تلقي بظلالها على الاقتصاد العالمي والمحلي ابرزها مشاكل النمو الاقتصادي العالمي والتضخم في امريكا وجائحة كورونا.
وهنا تأتي اهمية هذه الموازنة في حجم الآمال المتعلقة حولها في دفع عجلة الاقتصاد وبالتالي دعم النمو الاقتصادي وتعزيز مؤشرات الاقتصاد الكلي.
ومن هنا نجد بانه ومن الامور التي يجب التركيز عليها لمرحلة ما بعد الموازنة موضوع استدامة الاداء المالي(Fiscal Sustainability )لتخفيض المديونية بأرقامها المطلقة وكنسبة الى الناتج المحلي الاجمالي وبالتالي تحقيق انضباط مالي(Fiscal Consilidation) مترجما بانخفاض العجز وبالتالي تخفيض الدين العام الذي تراكم عبر السنين وعليه فان ابرز الخطوات لتحقيق ذلك تكمن في رفع تغطية النفقات الجارية للإيرادات المحلية من خلال الارقام الفعلية لاحقا ،حيث شكلت النسبة المقدرة حوالي (88)٪ ، متمنيا ان ترتفع مستقبلا الى تغطية كاملة.
ومن الامور التي يجب الانتباه لها ايضا موضوع هيكل الانفاق الرأسمالي حيث ان المشاريع الجديدة شكلت حوالي (26)٪.
ونحن نتوقع بان آلية اختيار المشاريع وفترة الاثر المتوقعة و حجم التأثير من خلال الروابط الأمامية والخلفية مع القطاعات (Backward and forward linkages) قد تمت وفق معايير واضحه لدى مخططي السياسة المالية فهذه تعتبر من الامور الهامة جدا وذلك لزيادة كفاءة وفاعلية الانفاق وتحقيق اعلى قيمه للأموال المنفقة (Value for Money).
ومنً الامور التي يجب الانتباه والحذر من تأثيرها موضوع هيكل الايرادات المحلية وتحديدا الايرادات الضريبية خاصة وان ضريبة المبيعات تعمق الاثر على الفقراء اذا لمً ينعكس تحصيلها وتوظيف هذا التحصيل في مشاريع تحفز النمو الاقتصادي وتصنع بيئة جاذبة للاستثمار.
وعليه بمكن القول ان الظروف الصعبة التي جاءت بها الموازنة العامة ربما لا يجعلها تقفز مره واحده لتحل مشكلة اختلالات السياسة المالية و اختلال الحسابات (Fiscal Imbalancies) ولكن يمكن ان تضع المالية العامة على الطريق الصحيح اذا ما تم اعتبار ما ذكر اعلاه لتحقيق اهداف السياسة المالية التي تصب في تعزيز الاستقرار الاقتصادي وتحقيق تنميه اقتصادية حقيقيه تنعكس على خفض مشكلتي الفقر والبطالة وتحسين مستوى معيشه المواطنين.
خلاصة القول ان موازنة 2022 جاءت بنمطها التقليدي وفق ضغوط اقتصادية كبيرة وبمرونة تتناسب مع الظروف المحيطة ولكن وبعد اقرارها يمكن القول بان مرحلة ما بعد اقرار الموازنة لا تقل اهمية عن ما قبلها وهنا نجد ان هناك مسؤوليه كبيره تقع على عاتق جميع الاطراف ذات العلاقة لتفعيل الرقابة والمتابعة المستمرة والتقييم الدوري لقياس مدى التقدم الحاصل في تحقيق مؤشرات الاداء الخاصة بالمؤسسات الحكومية وبيئة الاعمال وتحسن مؤشرات الاقتصاد الكلي.