هناك تيارين في المجتمع الأردني حين يتعلق الأمر بالحكومة وهي عند الغالبية من الناس ممثلةً بما يراه ويسمعه من خدمات حكومية وقرارات. بين الناس كثيرٌ من النقد وقليل من الرضى. زوابع من الأخبار غير الصحيحة وردودٌ عليها قد تُقنعُ وقد لا تُقنع. أقامت الحكومة منصاتٍ للتوضيح لكنَّ أثرها ضئيل أمام عشرات المصادر التي تُمطِرُنا بالأخبار ذات الوقعِ الدرامي. قد نختار أن نخرج من مواقعِ هذه الأخبار ولكنه خِيارٌ مستبعد. والحكومة تقوم بعملها وللمواطن أن يتابع أو لا. إذاً نحن مرتبطون بمصدرين متنافسين من الأخبار ولنا الاختيار بمن نثق أكثر. هذا لا ينفي أن المواطن يحتاجُ لمصدرٍ محايدٍ لأخبار الحكومة!
"كشف حساب" هو اقتراحٌ لمصدرٍ ثالثٍ فيه "إنجازات" وإخفاقات" الحكومة مكتوب بلغةٍ سهلة ومبوبٌ بالقطاع والوزارة. لا يستدعي كثير وعميق بحث. ليس كتاباً سنوياً ولا تقريراً حسابياً بل كشفُ حساب يقول للمواطن ما أنجزته الحكومة في كل محافظةٍ وما أخفقت فيه. قد يصدر كل شهر أو كل ثلاثة أشهر. يقرأه المتابع المختص وغير المختص ويقارنه بما يراه بمنطقته. كشفُ حسابٍ فيه من الشفافية ما يُعيدُ للمواطنِ ارتباطهُ بعمل الحكومة على أساسٍ أقوى من باقي موارد الأخبار الحكومية وقطعا من المصادر المختلفة المتنافسة.
لن يختفي النقد و لا الإشاعة و لا الإغراض، لكن المديح و الثناء المغاليان لن ينفعا أي حكومة إن لم تعطِ المواطن كشف حسابٍ واقعي وصحيح يسهل و يمكن فهمه و مقارنته بالواقع. المواطن اليوم مشدود أكثر بالإعلام الفضائحي لأنه إعلام إثارة و غرضه ليس إلا مصلحة التجارة و البيع الإعلاني. و منه ما هو مبرمج لخلق بلبلة و نعرات. و ثبت أن الإعلام الرسمي لم يعد قادرا على مناكفة كل صغيرة و كبيرة و لا نطلب ذلك. دعوا هذا الإعلام الأصفر يندثر بالزمن. إن فترة حياة أي "تغريدة" لا تتعدى السبع دقائق. لكن نقل الواقع للمواطن الجاد يتطلب حيزا إعلاميا عن الحكومة بما لها وعليها دون نقد و لا مدح. هذا الحيز ليس التغريد و لا كتاب الوجه و لا المنصات التي تظهر و تختفي بل هو "كشف حساب" فيه من التواتر الزمني و الموضوعية و المصداقية ما يجعلنا ننتظره. فمن له؟