هل يختلف اثنان على اننا ما نزال في الاردن في فصل الشتاء؟ وان الشهر القادم نهاية الشتاء وجزء من فصل الربيع؟ وان الصيف يبدأ في شهر أيار وليس قبله؟
موجبات هذه التساؤلات قرار مجلس الوزراء منذ ما يقرب من شهرين بتقديم موعد تطبيق التوقيت الصيفي ليكون في 25 شباط الجاري. ودون ان يكون لهذا التغيير مسوغات منطقية. ومنذ صدور القرار تزايدت الاحتجاجات على القرار الحكومي من أولياء أمور الطلبة ومن قطاع الموظفين لأن هناك اضرارا تلحق بهم جراء القرار حيث سيكون بدء الدوام في فترة مبكرة وعلى الطلاب الصغار والاطفال ان يستيقظوا في عز الليل والعتمة ليذهبوا الى مدارسهم.
إن استقرار مواعيد التوقيت الصيفي والشتوي امر في غاية الأهمية للمجتمع وهو يرتبط ارتباطات وثيقة بحياة آلاف الطلاب والطالبات في المدارس وفي الجامعات وكذلك عائلاتهم كما أنه يتصل بقطاع عريض من الموظفين في القطاعين العام والخاص. هناك شكوى وقلق وتوتر من جراء تقديم موعد تطبيق التوقيت الصيفي مبكرا..وهناك رغبة ملحة لدى الجميع بإبقاء الموعد في نهاية الشهر الثالث (آذار ) على الاقل كما هو منذ سنوات..ابا كانت دواعي التوفير في النفقات الحكومية مثلا.
نعرف جميعا أن الجيش في بلدنا العزيز يرتدي الملابس الشتوية ابتداء من اول تشرين الثاني( اي شهر ١١) ويستبدل بها في اول الشهر الخامس أيار ملابس الصيف. وهذا ما درج عليه الجيش الأردني وأجهزة الأمن العام منذ عقود طويلة .
إن المسوغات التي تساق بين حين وآخر لتبديل التوقيت الصيفي والشتوي لا تقنع احدا. وقد سبق لإحدى الحكومات قبل سنوات ان ألغت العمل بالتوقيتين وابقت على توقيت واحد .وتصادف وقوع جريمة قتل بشعة في احد مواقف الباصات، في وقت مبكر استغل فيه المجرم الظلمة الحالكة في الصباح الباكر ليعتدي على طالبة جامعية كانت تسير في الظلام لتلحق بجامعتها. واسفر الأمر عن مقتلها. وبالطبع كان قرار التوقيت من الأسباب التي سهلت وقوع الجريمة البشعة التي كانت حديث الناس في حينه. لاشك ان الذاكرة الجمعية تستحضر تلك الجريمة مع كل حديث عن التوقيت الصيفي والشتوي.
والأمر يستدعي من الحكومة الحالية ان تعيد النظر في قرارها ليكون التوقيت الصيفي في وقت أكثر قبولا وهو على الأقل نهاية الشهر القادم . ولا نرى ما يدعو الى تمسك الحكومة الموقرة بقرارها ايا كانت دواعيه. وبعيدا عن حسابات الكلفة المادية التي لا يقتنع بها احد. إن الظروف الاقتصادية للناس يجب ان تؤخذ بالحسبان ايضا لأن كثيرا من الأهالي لايملكون سيارات لإيصال اولادهم إلى المدارس ،كما ان مدارسهم في القرى والمدن خارج العاصمة بعيدة عن مساكنهم. وفي فترة الصباح الباكر يكون عليهم المشي وسط الظلام الدامس ليصل الأبناء الى مدارسهم في الوقت المحدد..او ان الجهات الحكومية مطالبة بتأخير بدء الدوام المدرسي اكثر من ساعة ليتمكن الطلاب من الحضور .
من الضروري القول إن القرار الحكومي لم يكن مدروسا بما يكفي ليكون ملبيا لمصالح جميع المعنيين به. وان إعادة النظر فيه باتت واجبة لتحقيق المصلحة المنشودة .