أرغب أن أعيش ماتبقى من سالف الأيام ، وأرغب أن أعقد صفقات للضحك ، نحن المثقفون نؤذي لحظاتنا تماماً كما تؤذي العواصف العاتية الأشجار ، لنسأل أكبادنا التي تمشي على الأرض ، كيف يرونا وكيف يسمعوننا ، شؤم شؤم شؤوم وفيض من فقدان الأمل ، نسوِّد الدنيا من حولهم
نرسم بل نشيِّد لهم دروباً من الظلام ، مَنْ منا أَضحك وَلدَه بخفةٍ تجعلنا متقاربين بالأعمار والأمنيات ، ومَنْ منا ومنذ أمدِ ليس بالقريب زرع أملاً يُحتذى ...منذ الصباح نولول بإفتتاحية سيمفونية بأن الدنيا قد خربت ، وأن البلد ذاهب للجحيم ، كلمات لا تنقطع عن شفاهنا ( هذا شو بفهمو ، وذاك حمار من يومه ، يلعن الأيام اللي جعلت منه كذا ، معروفة النتيجة ، شو بدك تعمل نذبح حالنا ....) النتيجة حناجر متعبة وقلوب متقلصة ، وأنفاس متقطعة، حربٌ بلا وعي على التفاؤل ، وحربٌ على الطمأنينة التي تطوِّل الأعمار ، نسينا الضحك المجلجل ، وألمٌ بين الحاجبين من طول أمد التقطيب ، نحمل الكون على معجزنا وأرجلنا تنفرج وترتجف وكأننا منغرزون في القطب الشمالي ، يبدو بأننا بحاجةٍ لكارثة لتخلق فينا روح الأقتران الرياضي بين ما يوجد لدينا و ما يوجد في البؤس الكوني ، لا أمدح الحاضر ولا أبجله ولكنني أُريد أن أعيش ماتبقى وما تيسر من حياتي ،
سألت أخي وصديقي المرحوم فندي الزعبي
ـ لماذا مازلت متشبثاً في عملك النضالي اليومي ، وعندما تموت لن ترى واحداً يسير في جنازتك وإن فعلوها ، لن يسأل أحدٌ عن صيصانك الأربعة طيل رحلة موتك الأبدية ، ولن تسمع في قبرك الضيق كلمات لك وعنك لا في أربعينية أو تسعينية ، ستموت أنت وحلمك وأبتسامتك وتاريخك( المجفر) " من سجن الجفر" ....
أجاب بكل إبتسامته التي ماتت معه .
ـ الذي يبيقيني في أتون الكُفر والجفر ، شيءٌ واحدٌ فقط
أن أترك لصيصاني الأربعة مثلاً يُحتذى
* * *
نحو مؤتمرٍ للأمل ، للطمأنينة الغائبة ..
نحو فسادٍ في عقد الحاجبين
نحو هزلٍ لا ينتهي
faisalzouby@gmail.com