بناء الذات بطريقة سوية مقنعة امر جلل وهدف أسمى ومبتغى يستحق السعي والجري وراءه حتى تستقيم النفوس ويسقط عنها ما علق بها من درن واوحال بحيث تظهر بيضاء ناصعة خالية من الشوائب كالماء العذب الزلال.
وهذا لا يتأتى الا من تربية سليمة مهذبة عرفت جادة الطريق وازيلت من أمامها الاعوجاجات وتعودت على الجرأة في قول الحق ولو كان مرا وغسلت من الخوف والتوجس وآثرت الصدق وحسن الخلق والسلوك القويم.
بناء الذات مسؤولية الأسرة اولا ومدى نقائها ومعرفتها بالحق وابتغائه وترويض الوليد على منظومة القيم الأخلاقية وتهذيبه وتعليمه ان الكذب والغش والخداع والتدليس واذى الآخرين ليست من شيم الرجال وانها نقائص ونقائض للحق وطريق للباطل يودي بصاحبه إلى مهاوي الردى وان حاز على بعض المنافع المؤقتة.
والتربية والتهذيب وبناء الذات وتوجيها تتوافق مع مسؤولية الأسرة اولا وتمتد إلى مؤسسات التعليم ومؤسسات الإعلام وممارسات المجتمع. فالكل يقف على باب المسؤولية من طرفه حتى يصل الى التحصين للذات من الانحراف والوقوع في حمى الانفلات ومزالق الضلال.
نتحدث بهذا حينما نرى ان البناء يغش في بنائه والقصاب يغش في بيعه والبقال يخسر الميزان والزيات يخلط الزيت وصاحب المرئاب يغش في طلاء السيارات والبائع يحلف الإيمان الكاذبة والطبيب يتاجر بمرضاه والمهندس يتلاعب بالكميات وموظف الخدمة العامة يتعجرف على مراجعيه ويؤخر معاملاتهم والكل يشكو حاله ويدعى خطأ غيره دون أن يراجع نفسه ويقف عند حده.
المجتمع الموبوء عالة على نفسه متناقض مع ذاته تائه في حيرته ويلقى باللوم عأي الاخرين دون تشخيص الداء وتحديد الدواء وتصفية الوعاء.
مجتمع كثر فيه الهزل والزلل واصابه الداء والملل ووقع في السوء والمحن واكتفى بالشكوى وذكر العلل ونأى عن النهوض من الغرق والبلل.