"هشاشة الأحزاب" تتكسر على "عتبة الانتخاب"
د. إبراهيم البدور
16-02-2022 12:16 AM
مع إقرار التعديلات الدستورية وتخصيص مقاعد للأحزاب -لأول مره في تاريخ الاردن- بدأ الحراك المتسارع لتشكيل أحزاب سياسية، وبدأت شخصيات مختلفة من كل التيارات الفكرية تتكتل مع بعضها لتُشكّل نواة أحزاب مقبلة.
هذا الحراك شيء محمود وهو الهدف الذي قامت عليه فكرة تطوير العمل السياسي المقبل، بحيث يكون العمل داخل مجلس النواب هو عمل جماعي ترعاه تكتلات حزبية، وتكون قرارات النواب نابعة من خلفيتها الحزبية التي تنتمي لها.
ومع الحوار الذي تقوده الآن اللجنة القانونية في مجلس النواب حول قانوني الأحزاب والانتخاب والمتوقع أن يتم إقرارهما قبل نهايه آذار الحالي نكون قد شرعنا حزمة الإصلاحات السياسية بشكل مكتمل ونكون جاهزين لبرلمان مقبل مبني على 41 مقعدا حزبيا يزيد لنسبة 50 % من المقاعد للذي يليه وينتهي بعد مجلسين بـ65 % من المقاعد محجوزة للأحزاب.
كل هذه المقاعد فتحت شهية الشخصيات السياسية للتكتل وإنشاء أحزاب لخوض معركة الانتخابات تحت هذا الهدف بحيث تحصل على أكبر عدد ممكن من المقاعد وتحجز مبكراً مكاناً لها.
“ولكن” هناك مادة في قانون الانتخاب تم إضافتها -لأول مرة أيضاً- تتحدث عن إلزامية الحصول على عدد محدد من الأصوات للدخول الى المنافسة على هذه المقاعد وهي ما يطلق عليها مصطلح “العتبة”، وتم تحديدها بنسبة 2.5 % من عدد الأصوات الكلي للأحزاب.
ولشرح مصطلح “العتبة” بشكل أسهل: نفرض أن 2 مليون أردني صوّت في الانتخابات المقبلة للأحزاب، فمطلوب من الحزب الذي يريد ان يحصل على مقاعد تجميع 50 ألف صوت انتخابي كحد أدنى ليصل الى نسبة 2.5% المطلوبة لكي ينافس على المقاعد المخصصة للأحزاب (41 مقعد).
-2 مليون * 2.5%=50 ألف صوت -.
وهذه “العتبة ” تم وضعها في قانون الانتخاب الجديد بهدف زيادة عدد المقاعد لكل حزب، بحيث لا تكون لدينا أحزاب كثيرة بعدد مقاعد قليل ونعود الى العمل الفردي الذي يمارس الآن في مجالس النواب، وتجربة انتخابات 2012 ما تزال ماثلة أمامنا حيث تم تطبيق فكرة القائمة الوطنية والتي تشبه القائمة الحزبية في القانون الجديد مع اختلاف في إلزام المترشح ان يكون منضمًا لحزب ويكون المقعد للحزب وليس للنائب الفائز، لكن فكرة القائمة الوطنية لم تنجح في تكريس العمل الجماعي؛ حيث فازت قوائم كثيرة بعدد قليل من المقاعد، وبعد الفوز ذهب كل نائب ومارس قناعاته بشكل فردي.
ويتوقع بعد تطبيق فكرة “العتبة” وبنسبة 2.5 % أن يكون هناك عدد قليل من الأحزاب (5-7 أحزاب) مع عدد أكبر من الفائزين.
الرسالة المهمة التي يجب إيصالها هي: أن ينتبه مشكلو الأحزاب في هذه المرحلة الى نقطة “العتبة” والتي ممكن ان تتكسر عليها هشاشة الأحزاب الجديدة عندما لا تستطيع كسر حاجز 2.5 % ولا تحقق أي مقعد وعندها سينهار الحزب ويفقد اعضاءه.
وكذلك لا ننسى أن ننبه الأحزاب الموجودة الآن – وعددها 52 حزبا- الى نقطة “العتبة ” أيضاً بحيث تدرس قدراتها و ترتّب أوراقها ؛ فإما ان تطور من نفسها وتسوّق ما عندها لجمهور الناخبين أو أن تندمج مع بعضها – خصوصًا المتشابه منها- بحيث تحصل على نسبة “العتبة” وتحافظ على وجودها.
الغد