معتذراً من الرافضين للهوية الاردنية الجامعة ان تكون جامعة وحملوها فوق ما تحتمل واشتطوا في تفسيرها حتى رأوا فيها الويل والثبور وعظائم الامور. الاصل اننا مع كل مفهوم جامع يجمع ما استطاع، ويوحد ولا يفرق، ومع كل عمل جماعي يكرس الشراكة والاتحاد والتعاون طالما كان ذلك محققاً ومعمماً للفائدة وميمماً للصالح العام.
متى لم نكن دعاة اجماع وتوحيد حول الاهداف الوطنية؟ ومتى تخيلنا عن ان نكون رعاة وحدة وتوحيد خلف المصالح الوطنية؟ أو ليس هذا ما صنعناه في المئة سنة الماضية بين اديان واعراق وثقافات مختلفة؟. فكان المسلم والمسيحي معاً، والعربي والارمني والكردي والشركسي والشيشاني معاً، ومن اكتسب الجنسية عند تأسيس الدولة ومن اكتسبها بالتجنيس المعزز بالقانون والدستور معاً أنداداً متساويين امام العقد الاجتماعي.
وكما ينبغي ان تكون الهوية الوطنية جامعة بالعيش المشترك في دولة القانون والحرية والعدالة والتنمية، كذلك الثقافة الاردنية نريدها جامعة بمشتركاتها اولاً، ثم بجمال تنوعها واحترام اختلافاتها والحوار فيما بينها ثانياً، واستيلاد مشتركات جديدة جامعة منها ثالثاً. لأن خصائص ثقافة المجتمع هي الأساس في تطور وتقدم المجتمع والدولة سياسياً واقتصادياً واجتماعياً وثقافياً وعلمياً .كما ان طبيعة هذه الخصائص ان كانت تنويرية تمثل ضامناً متقدماً للسلم الاجتماعي والامن والاستقرار.
مصادر الثقافة في المجتمع هي: الدين واللغة والعرق والتاريخ والجغرافيا والنظام السياسي والنشاط الاقتصادي والتقدم العلمي والمنجز الفني والعادات والتقاليد والاعراف. وأما مراكز التنمية الثقافية فهي الاسرة والمدرسة والجامعة والمسجد ومؤسسات المجتمع المدني السياسية والاجتماعية والثفافية ومراكز العمل والاعلام.
اما العناصر المكونة للثقافة ومصادر اكتسابها فهي: المعرفة وتأتي من خلال التعليم والسفر والقراءة، والخبرة وتأتي من اختلاط المعرفة بالحياة والعمل العام، والفكر الناقد ويأتي من التعليم وتنمية الاستعداد الفطري، والايمان بقيم اجتماعية وسياسية واقتصادية محددة قائمة على الحوار، واحترام الرأي الآخر، والالتزام بالقانون، والايمان بالعلم، وتغليب المصلحة العامة، وإعلاء قيمة العمل، والاستجابة لعمل الفريق، وإقران الايمان بالقيم بالالتزام بممارستها في السلوك العملي والدعوة للتغيير إلى الافضل، والعمل من اجل احداث التغيير المطلوب.
مصادر الثقافة، ومراكز التنمية الثقافية، وعناصر الثقافة، ومصادر اكتسابها هي المسؤولة عن تشكيل الثقافة المجتمعية. فإذا اردناها ايجابية وتنويرية وجامعة فهي دور مشترك للمجتمع والدولة. لكن البداية والتأسيس والقيادة والتوجيه يقع على الدولة اولاً.