ترصد ما يكتب ويقال في الأوقات القليلة التي تسبق رمضان فلا تجد من يتحدث عن لحظة الافطار في رمضان كفرحة كبرى للصائم. بل نحمل الصائمين بالكثير من النقد والتوبيخ حول مفاسد التبذير في شراء المؤن التي تفيض عن حاجة الأسر. ولا عجب أن بعض المنادين بذلك هم أول المسرفين.
الاسراف مرفوض تماما ولست أريد لكلامي أن يفهم كتشجيع على التبذير. لكن للصائم فرحتان ، فإذا أفطر فرح بفطره، وهو قام بالتحضير المسبق لحظة الافطار، وقد تعميه لذة اللحظة عن التفكير فيبالغ في التحضير لها بأنواع كثيرة من الأطعمة الفائضة التي لا يحتاجها.
نرفض التبذير بالتأكيد ، خاصة أن الفقر يمد أذرعه بازدياد كل عام، وما كنا نشتريه كتحصيل حاصل في العام الماضي نقوم بتنحيته كسلعة غير مهمة في العام الذي يليه. وليس أدل من كساد السلع التي لاتجد من يشتريها فيتم تخزينها من عام إلى آخر في المستودعات ليصار إلى عرضها في العام الذي يليه بسعر أعلى.
الغالبية من الناس بدأت تعي أكثر من السابق مفهوم رمضان وروحانيته ، مع ذلك فمن أجمل اللحظات هي تلك التي تتساءل فيها العائلة عن محتويات الإفطار، فللصائم فرحتان، أن ينظر إلى أصناف الأكل التي أعدها بعين الشكر والحمد ، ومن حق الصائم أن يفرح بنعم الله عليه..
الأسواق تزدحم كل رمضان وتقف أكثر من نصف ساعة على طابور المشتريات لتدفع ثمن مشترياتك، والدعوة إلى تخفيض الاستهلاك لن تلاقي أذنا صاغية في رمضان، إلا أن الظروف الاقتصادية فرضت ذلك على الناس دونما حاجة لتذكيرهم. الأجدى من تكرار التخويف من عقوبة الاسراف أن نعزز قيم المشاركة والمسارعة إلى المساهمة بتفطير الصائمين المعوزين والمحتاجين والتذكير بثواب الفعل. افتحوا أكثر أبواب الصدقات والزكاة وكفالة الأيتام والمساهمة بموائد الرحمن فليس الحل في الزجر والتوبيخ والكلام المكرر كل عام .
الصائم يهون صيامه لأنه يفكر برضا ربه و بلحظة الافطار، وهي لحظة لن يعي فرحتها سوى من عانى الجوع والعطش نهارا كاملا. نتابع ما يكتب والكل ينهر الصائم ويصفه بالفجع كما ورد مؤخرا عبر بعض الأقلام، فمن المعيب أن نصف الصائم بالفجع، ومن المعيب جدا أن نصوره في الإعلام كائنا ً مفجوعا ً لا يشبع .
شهر رمضان يفرض وضعا استهلاكيا مختلفا ، سيخرج من يقول أن الناس لاتمتلك ثمن المؤن الأساسية، وأؤكد أن الكلام هنا ليس تحريضا ً على الإسراف ، إنها دعوة كي ندع الصائم يفرح بصيامه وإفطاره دون أن نشعره أنه مذنب ومسرف ومستحق لعقاب الله .
بالشكر تدوم النعم، ومن حق الصائم أن يفرح مما وجده من نعم ربه، ومن حق المحتاج عليه أن يشاركه طعامه بما يستطيع بدل هذا الفائض على مائدته.. وكل عام وأنتم بخير.
ranaframe@yahoo.com
الراي