لا اقصد بحديثي هذا الذين يحترفون مد ايديهم إلى الناس لطلب المساعدة المالية من المارة مشاة وراكبين وقاطنين في منازلهم او تجارا في الأسواق لحاجة او عوز او كاسلوب للاثراء دون حاجة فهؤلاء معروفون ومكشفون ويمارسون هذه العادة في وضح النهار.
وإنما اقصد أولئك المتسولين من صنف اخر الذين ينشدون السلطة والمال وإيجاد المقاعد الوثيرة والحصول على التزكية لأية مناسبة لحب الظهور وكسب الشهرة وادراجهم في قوائم الولاء والطاعة واخذهم بالحسبان عند منح الوظائف ومواقع المسؤولية.
هؤلاء فئة من الأذكياء والدهاة الذين باعوا أنفسهم للباطل وشروا الشهرة وحازوا على الثقة والتزكية بثمن بخس وأساليب رخيصة ممجوجة فجعلوا من أنفسهم حثالة للنفاق والتزلف والمدح وكرسوا اقلامهم للانحراف ومجافاة الحقيقة والتسحيج لاصحاب الشأن والسلطة فباءوا بثقتهم وارتموا في احضانهم بحثا عن الدراهم والدنانير ومواقع المسؤولية وحققوا أغلى أمانيهم بغض النظر عن مشروعية الأسلوب والنتيجة.
وهم بهذا المستوى من الخسة تراهم ينظرون ويصرحون ويتحدثون بالمثاليات والقيم والأخلاق وهي منهم براء.
لا يستحون ولا يتورعون من ممارساتهم السقيمة وبشاعة أفعالهم وشؤم تصرفاتهم فانطبق عليهم وصف الفجار لكثرة كذبهم وافترائهم وتزلفهم دون وجل او حياء.
والمستغرب في الأمر انهم يجدون آذانا صاغية واستجابة من المطبل لهم والمتزلف لهم وينالون إعجابهم ويصبحون من أصحاب المآثر والفضيلة.
يغيب الأمل في هذا الزمان لوضع حد لافعالهم وقطع دابرهم من المجتمع في وقت تشتد فيه آفة النفاق وتصبح سوقا رائجة للمنحرفين.