«طلبات الترشّح» تقرع الجرس لأولويات نسائية شبابية حزبية
نيفين عبد الهادي
13-02-2022 11:06 AM
دلالات هامة أشّرت اليها الطلبات المقدّمة للهيئة المستقلة لانتخابات مجالس المحافظات والمجالس البلدية ومجلس أمانة عمان، ربما على الكثير من الجهات الرسمية والمدنية ذات العلاقة التنبّه لها ووضعها تحت مجهر الاهتمام والبحث والدراسة، في ظل تدني حضور المرأة والأحزاب وكذلك الشباب في هذه الطلبات!
أي قراءة تحليلية لشكل خارطة الترشّح لانتخابات مجالس المحافظات والمجالس البلدية ومجلس أمانة عمان، تحديدا اذا كانت هذه القراءة تستند على ثورة الإصلاح والتحديث السياسي الذي تعيشه البلاد، ستقود إلى أن واقع الحال وفق تصنيف المترشحين هناك ما يزال من يغرّد خارج سرب الاصلاح السياسي الذي جعل المرأة والأحزاب والشباب، مفتاحا أساسيا من مفاتيحه.
أن تكون عدد الطلبات المقدمة للهيئة في مجملها (4820) طلبا، منهم (3953) ذكور، بنسبة (%82.01) و( 867) إناث، بنسبة (%17.99)، ليس هذا فحسب، إنما يزداد الأمر سوءا، فيما يخص الترشح لرئاسة المجالس البلدية، حيث بلغ عدد طلبات الترشح لها (572) جميعهم من الذكور، إذ لم تتقدّم أي سيدة لرئاسة البلديات، الأمر الذي يعيد الحديث عن المرأة وحضورها في المشهد السياسي وتحديدا في جانبه الانتخابي الى واجهة الحدث المحلي، إذ ما يزال هناك قصور بحضور المرأة والأخطر ان هناك تراجعا بهذا الحضور، الذي لم تخل منه هذه المواقع من حضورها في مرات سابقة.
وفي حسم الحضور النسائي يجب العودة إلى رسالة جلالة الملك في عيد ميلاده الستين التي وجهها لأبناء وبنات شعبه، وأكد بها على أهمية المرأة في التحديث السياسي، بإشارة غاية في الأهمية من جلالته أن يكون لها دور في هذه المنظومة، وليس حضورا شكليّا، وفي ذلك تنبيه واضح على كل من له علاقة التقاطه بالشكل الصحيح، بتمكين المرأة سياسيا واقتصاديا، والأهم وضع برامج عملية تنفّذها مرجعية نسائية وفقا لمخرجات اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية تلجأ لها المرأة بثقة الوصول لمنتج عملي.
ليست المرأة فقط من أشّر لجانب مهم في طلبات الترشح لانتخابات مجالس المحافظات والمجالس البلدية ومجلس أمانة عمان، إنما ايضا الحضور الحزبي المتواضع جدا، إن لم يكن القليل جدا، إذ بلغ عدد الحزبيين (57) فقط من أصل (4820) طلبا، قدمت، وفي ذلك اشارة سلبية جدا للحضور الحزبي في المنظومة السياسية المحلية، سيما إذا ما أكدنا على ان الانتخابات تعدّ «رادارا» لشكل الحالة السياسية التي يعيشها الشارع المحلي، وفي هذا الرقم قرع جرس بأن واقع العمل الحزبي ما يزال خجولا، ويجب السعي لتحريك ساكن حالة الجمود الحزبي سعيا لجعل هذا الجانب ركيزة أساسية للعمل السياسي المحلي، وصولا وفق الرؤى المستقبلية للحكومات البرلمانية التي تعد الأحزاب من أساسياتها.
لا بد من جعل رقم المشاركة الحزبية في انتخابات مجالس المحافظات والمجالس البلدية ومجلس أمانة عمان بالكثير من الاهتمام، وجعله نقطة انطلاق لعمل مختلف لجعل الأحزاب أكثر حضورا في المشهد السياسي المحلي، تحديدا إذا ما اعتبرنا أن الأحزاب حاضنة للشباب الذين كان حضورهم ايضا متواضعا جدا في طلبات الترشيح، وكذلك للمرأة، بمعنى أن الاهتمام بهذا الجانب سيقود لنهضة اصلاحية نموذجية في معادلة التحديث السياسي بشكل كامل، تجعل منها واقعا ملموسا تجسده خطوات عملية بعيدا عن تزيين القول بكلمات تقود خطوات الاصلاح للخلف بدلا من تحقيق تقدّم بها.
حتى لا ندور في دائرة «فزعة» ردات الفعل، يجب التقاط دلالات طلبات الترشيح لانتخابات مجالس المحافظات والمجالس البلدية ومجلس أمانة عمان على محمل الاهتمام والعمل الجاد في تحديد أولويات المرحلة المقبلة، لجهة التركيز على تعزيز دور المرأة بالحياة السياسية، والشباب، وبطبيعة الحال الاهتمام بواقع العمل الحزبي وجعله واقعا ملموسا في المشهد السياسي المحلي، وركيزة لقادم وضع رؤاه جلالة الملك يتسم بأعلى درجات المثالية الاصلاحية، ويُبقي المملكة في موقع متقدّم عربيا ودوليا في هذا الشأن.
(الدستور)