إحذروا هواتفكم .. إنهم يتجسسون عليكم!
فايز الفايز
13-02-2022 12:08 AM
لم تكن قضية الشركة الإسرائيلية (إن إس أو) المطورة لنظام التجسس عبر الهواتف بيغاسوس هي الأولى في تاريخ التجسس كنظام يباع إلى دول أو شركات عالمية أو أجهزة استخبارات دولية، ولكن ميزتها أنها تجاوزت حدود المعقول في التسلل الى أفواه وآذان وحسابات الأشخاص المستهدفين، حتى نظام الحماية «في بي إن» لا يمكنه اعتراض موجات التجسس على الهواتف، فاليوم أصبح أي شخص طبيعي أو على أعلى مستوى في أي دولة كالحكام والوزراء والمسؤولين وغيرهم من كبار رجال الأعمال والمستشارين هدفاً لهذه اللعنة التي يبدع فيها جماعة تل أبيب، إذ لا يفرقون بين عدو ولا صديق.
المشكلة ليست جديدة، بل كان قطاع الاتصالات قبل ظهور التكنولوجيا الحديثة مثالاً لتشاركية التنصت أو الاستماع حتى بداية عقد التسعينيات الماضي، ومن تجربتي في إحدى السنوات القديمة حينما كانت مؤسسة الاتصالات، رفعت سماعة الهاتف الأرضي لأدير الاتصال وإذ بمكالمة مفتوحة وبدت أنها بين طرفين حساسين فدخلت بينهما بالكلمة المشهورة «ألو ألو» وإذ بأحدهما ينهرني: أخرج أخرج من أنت؟ فخفت مثل كل المواطنين وأغلقت الهاتف وتركته، وتكررت الحادثة مرة أخرى بعد أيام، إذ حاولت الاتصال وقبل أن أدير القرص وإذ بسيدتين تتحدثان وفي هذه المرة لذت بالصمت والاستماع قبل أن أضع السماعة فكان واضحاً أن أحد الخطين كان دولياً، وعرفت حينها أن هناك ما يسمونه «تشابك خطوط» عشوائياً مفتعلاً.
اليوم لم تعد هناك حاجة لإدارة شبكة تنصت عبر الأسلاك القديمة، بل هناك نظام متقدم يتم زرعه في هاتف الضحية يضع المستخدم تحت تصرف الجهة التي زرعته إذ يقوم عمل النظام بنقل كافة معلومات الهاتف وتسجيل مكالماته وكافة جهات الاتصال معه فضلا عن تحديد مكانه وتحركه، وهذا بالطبع ما يقوم به نظام بيغاسوس، الذي تم الكشف عن استخدامه من قبل السلطات الاسرائيلية لشخصيات أردنية وعربية لم يكشف عنها رسمياً، ولكن مع انتشار بيع النظام لدول وشركات أخرى، فمن السهل أن نكون جميعاً تحت الاستهداف وسرقة المعلومات الحساسة.
ما هو أخطر من قضية التجسس على المكالمات في هذه الحالة هو إخضاع كافة تفاصيل الشخص خصوصاً المالية والوثائق الشخصية وسيفقد حينها حساباته المالية وبطاقاته الائتمانية ولا يستطيع الوصول الى حسابه البنكي، وهذا ما وقع للعديد من الضحايا لتلك العمليات اللصوصية حتى في الكيان الإسرائيلي نفسه، حيث فقدوا حساباتهم البنكية وكأنهم لم يملكوا قبلا أي حساب، واستغل القراصنة عمليات استحواذ بنوك لبنوك أخرى حيث يتم مناقلة الحسابات لسرقة ملفات العملاء وتغييرها لصالحهم، وهذا ما يخشى منه على بنوكنا أو حسابات الأشخاص المستهدفين، ورغم التحذيرات المتكررة من البنوك لعدم الإفصاح عن أي معلومات قد تطلبها أي جهة.
النظام في إسرائيل قابل لكل شيء، ليس سرقة الأراضي العربية وقتل الفلسطينيين برمشة عين، بل يسمح لشركات خاصة العمل خارج الحدود لفعل أي شيء خارج نطاق السلطة، ومنها شركة «إن إس أو» الذي ترأسها رئيس الموساد السابق يوسي كوهين، إذ باعت نسخاً من النظام لعدة دول وجيوش بمئات الملايين، وقدمت خدمات تجسس، إذ كشف عن ثمن التجسس على أي شخصية أو منشأة بمبلغ خمسين مليون دولار، وقد تطورت خدماتها اليوم أكثر من التجسس على مسؤولين حكوميين غربيين وعرب وصحفيين وسياسيين معارضين، ولم يقاضهم أحد سوى شركة أبل المصنعة لأنظمة الهواتف أيفون وأندرويد بسبب استخدام بيغاسوس لاختراقها والتجسس على الضحايا من قبل مستخدمي النظام.
اليوم في ظل كل هذا التقدم عندهم والتخلف عندنا، على الجميع الحذر من تخزين معلوماتهم على أجهزة الهاتف كأرقام الحسابات أو المعلومات المالية والوثائق الخاصة وصور العائلة والأسرار غير النافعة، إلا إذا كنتم من طائفة الفقراء والرسائل الأسبوعية كصباح الخير، ومساؤك سعيد، وجمعة مباركة، وهلا بالخميس، وغير ذلك فأنت مستهدف عزيزي من كل جانب.
ROYAL430@HOTMAIL.COM
الرأي