لا يمكن تفسير ما يجري في عالم السياسة قديما وحديثا إلا بالصراع على السلطة، فبين الدول والحضارات صراع على مناطق النفوذ والرغبة في السيطرة، وداخل كل دولة وامبراطورية صراع بين المكونات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، ومر حين من الزمن على الصراع لبوسه لباس الدين حيث يتدثر به أناس لتحقيق مصالح شخصية أو عائلة أو فئوية.
فالصراع الروسي مع حلف شمال الأطلسي صراع على مناطق النفوذ، أوكرانيا لا تريد روسيا، وروسيا لا تريد تمدد الناتو. ووقوف أمريكا مع كوريا الجنوبية إنما هو لمنع تمدد كوريا الشمالية المتنمرة.
والصراع في فلسطين صراع حضاري تحت ثوب الدين حيث تندثر إسرائيل بالأنبياء "يعقوب وداود وسليمان" بينما الغرب عينه على تعميق الصراع ليبقى الخنجر الصهيوني في قلب المسلمين فلا تنهض حضارتهم ويبقوا مشغولين بالقضية ردحا من الزمن.
وعلى الصُعد الداخلية نرى الصراع على السلطة بين من يريد التفرد وبين من ينادي بسلطة تداولية مؤسسية كما هو الحال في تونس بينما الجميع يقول انه يريد الإصلاح ومصلحة البلد!! والصراع في سوريا صراع بين النظام ومعارضيه الذين تعددت هوياتهم واختلط المطالِب بالحرية بالمطالِب بالخراب والقتل والدماء والتكفير، واشتبكت الأجندات وصارت جيوش ثلاث دول جاثمة على أرض سوريا ، ونُكب الشعب وسألت دماؤه ودُمر اقتصاده ولا بصيص أمل بانفراج قريب.
وقريب من هذا الوضع ليبيا واليمن وصارت الطائرات المسيرة والقاذفة تطير في أجواء جزيرة العرب وهذا يحقق الفوائد الاقتصادية الجمة للدول الراغبة ببيع السلاح ليسفك دم الناس النهار الاقتصاد وتنهب الخيرات . وتطيش في سماء العراق الطائفية المقيتة التي تخفي تحتها مصالح دول إقليمية توسعية ظاهرة للعيان .
ويستمر الصراع السلمي في بلاد أخرى على الصلاحيات الدستورية والحزبية والبرلمانية كما هو الحال في الأردن حيث يدير كل طرف النار إلى قرصه حيث لم نصل إلى التمسك بتحقيق النمو السياسي والاقتصادي والاجتماعي رغم خطابات الجميع حول ذلك لكن الأرقام تنفي المزاعم حيث أن الأرقام لا تجامل في المديونية والبطالة والفقر .
الصراع لن يتوقف لأن الرغبة في التعاون والوئام والاتحاد لم تصل إليها الدول داخليا" وخارجيا" .
ما عدنا نتحدث عن تحقيق الإنجازات بل طموحنا اليوم تقليل الخسائر .