خلال جولات ميدانية في المراكز التجارية والأسواق والمناطق التجارية في مختلف محافظات المملكة تشاهد وتسمع نفس العبارات وتلمس واقعا تجاريا لم تشهده الأسواق من قبل، ركود حاد يصل إلى حد الكساد في الطلب على السلع الاستهلاكية من ألبسة وأحذية واكسسوارات ومفروشات وغيرها العديد من القطاعات التجارية والخدمية التي تعيش ظروف اقتصادية صعبة مع بداية عام 2022.
لا احد يعرف الأسباب الحقيقية لما يجري في الأسواق ولماذا هذا التراجع الكبير في أداء بعض القطاعات الاقتصادية، وبمجرد المقارنة بين شهر كانون الثاني من العام الحالي مع نفس الشهر من الأعوام السابقة يتفق الجميع على أنه لا يمكن المقارنة بينهم وأن التراجع في المبيعات خلال هذا الشهر من العام الحالي تاريخية وغير مسبوقة، البعض يتحدث عن تراجع وصل لأكثر من 200% والبعض الآخر يتحدث عن نسبة أقل وهناك من يصر وبلغة الأرقام على أن نسبة التراجع في المبيعات وصلت لما هو أكثر من ذلك.
من الناحية الاقتصادية قد تكون أزمة فيروس كورونا وما خلفته من تبعات وأن الأردن كغيره من دول العالم تأثر بشكل كبير جراء هذه الأزمة ودفع العديد من المواطنين ثمناً كبيراً من خلال فقدهم لأعمالهم أو توقفها تماماً أو جزئياً وبالتالي تراجع الدخل.
شح السيولة بيد المستهلك بسبب كثرة الالتزامات والقروض وغلاء المعيشة، تراجع القوة الشرائية بشكل كبير للمواطن وخاصة للطبقة الوسطى والفقيرة، نسب البطالة في صفوف الشباب وارتفاعها لنسب غير مسبوقة تجاوزت 23%، وبالتالي هناك أكثر من نصف مليون شاب عاطل عن العمل في الأردن، كلها أسباب قد تكون وراء ما يجري في الأسواق.
الحكومة حتى الآن لم تأخذ قرارات اقتصادية جريئة تستطيع من خلالها تحريك عجلة الأسواق وتحفيز المواطن للشراء وخلق فرص للعمل وزيادة الاستثمارات في مختلف القطاعات الاقتصادية.
بداية هذا العام صعبة ونأمل أن لا تستمر أكثر لأن استمرار الوضع الحالي سيسهم في إغلاق العديد من المنشآت الصغيرة والمتوسطة وبالتالي تسريح للعمال وخسارة لأصحاب العمل.
الكلف التشغيلية الباهظة والمتعددة المطلوبة من أصحاب هذه المنشآت من إيجارات المحلات وفواتير الكهرباء ورواتب الموظفين واقتطاعات الضمان الاجتماعي والأعباء الضريبية والجمركية ورسوم التراخيص والمصاريف اليومية جميعها أعباء مالية تلاحق أصحاب العمل في ظل مردود مالي قليل جداً وخسارات تلاحقهم بشكل يومي.
وفي ظل هذه الظروف الصعبة التي يعيشها العديد من أصحاب الأعمال وعمالهم الجميع ينتظر من الحكومة مجموعة من القرارات السريعة ومن أهمها؛ تخفيض ضريبة المبيعات وتأجيل أقساط البنوك لضخ سيولة في الأسواق وتخفيض اقتطاع الضمان الاجتماعي وتعديل بعض القوانين ومن أبرزها قانون المالكين و المستأجرين.
وفي النهاية كشفت أزمة فيروس كورونا ضعف العديد من القطاعات الاقتصادية وأن هذه القطاعات غير قادرة على الصمود أمام هذه الأزمة لفترات طويلة وخاصة مع اقترابنا للدخول في العام الثالث لهذا الوباء وإننا بحاجة لإعادة دراسة حقيقية لواقعنا الاقتصادي وللقوانين والأنظمة التشريعات التي تنظم واقعنا الاقتصادي.