في الإصلاح السياسي، مستهلٌ حاسم ..
د. نضال القطامين
08-02-2022 04:33 PM
من المهم، بعد أن منح مجلس النواب مشروع قانون الأحزاب ومشروع قانون الإنتخاب، سمة الأولوية والإستعجال، أن ينال القانونان حقهما في نقاش وطني واسع.
عرّفت المادة الثالثة من مشروع قانون الأحزاب، الحزب، بأنه " تنظيم سياسي وطنيّ، يتألف من أردنيين تجمعهم قيم المواطنة وأهداف وبرامج ورؤى وأفكار مشتركة، ويهدف إلى المشاركة في الحياة السياسية والعمل العام بطرق سلميّة ديمقراطية لغايات مشروعة ومن خلال خوض الانتخابات بأنواعها بما فيها الانتخابات النيابية وتشكيل الحكومات أو المشاركة فيها وفقًا للمادة (35) من الدستور".
هذا استهلالٌ طيّب في مجرى الإصلاح الإقتصادي، ومقدمات محفّزة نحو تأطير وطني لفكرة الإنتماء الحزبي ثم الولوج نحو تشكيل الحكومات الحزبيه.
بلا شك، فإن التجربة ستكون طويلة، وقد تكون التوصية بأن الفكرة ستنضج تماما بعد عده سنين. في محلها، غير أن البدايات مهمة.
بدايات مهمة يقتضيها هذا التلاطم في العمل النيابي وهذا الركام من الكتل البرلمانية الهلامية التي لا تستند لشروط واضحة في التشكيل، ولا تملك قرارا قويا حازما إزاء واجب الرقابة والتشريع.
ستؤمن الحكومة الحزبيه البرلمانية أو الحزبيه في سياق الإنجاز السياسي والإقتصادي، الكثير.
أول ذلك هو منح الحكومة المولودة من رحم حزب قوي مُمثّل في الشارع وذي برامج تنفيذية واقعية، غلافاً سميك، قوامه الرأي والمشورة، ثم إطلاق يد الوزراء في تنفيذ حلول سياسية واقتصادية، تماما كما يفعل العالم الذي مكّنته تجربته السياسية من خروج كامل للعلاقة الشائكة بين السلطتين التنفيذية والتشريعية، نحو ميدان العمل المثمر الجاد.
في الطرف الآخر من البرلمان، ستكون المعارضة هي حكومة الظل، وهي الرقيب على تقويم الخلل ورتق الفتق.
لا يمكن لدولة في العالم الثالث تقع في منتصف اضطرابات سياسية، أن تتحول بكبسة زر إلى ديمقراطية مثالية المعالم، وكذا فلا يمكنها ولا يسمح تاريخها، بأن تتبنى دكتاتورية مطلقة، وهو نهج تستطيبه دولٌ في الإقليم وتستحسنه، وعليه، فإن الوسطية في هذا المضمار واجبة التطبيق بموازاة النظرة الشمولية للتطور السريع نحو تثقيف المجتمع سياسيا والوصول به الى الديمقراطية الأقرب الى ما هو ممارس في الدول المتقدمة.
قلت ذات مقال، أن ما كان يمكن تسويقه من سياسات في فترات القرن الماضي، لم يعد نافعا في ظل الواقع الاجتماعي وتاريخه اللاحزبي وفي ضوء تعدد قنوات التواصل الاجتماعي السريعة وثورة المعلومات واتساع رقعتها.
لم تعد طريقة تشكيل الحكومات خلال السهرات وتبعا لبرامج جرب حظّك لأي حكومة كانت، تنفع أمام التيار الهادر الذي يختزل إرادة جلالة الملك في حكومة حزبية برلمانية منتخبة، حيث يسألها الناس عمّا تفعل، فتحضر الإجابات المؤسسية الناضجة وتتحمل المسؤولية بالكامل، غير آنية ولا مرتبكة.
وأقول اليوم، أن قانوني الأحزاب والإنتخاب هما ركنان أساسيان في مسيرة الإصلاح، وأنه يجب أن يحظيا بنقاش وطني واقتراحات بنّاءة تضمن التأسيس القوي لمرحلة الإصلاح، ومن المهم أن يقبل الناس على الأحزاب وأن تكون هذه الأحزاب وعاءً لأحلامهم ومستقرّاً لأفكارهم ومنبراً عاليا لكلماتهم في إطار وطني مبين.