عرفتُ الصديق الروائي الراحل مؤنس الرزاز في مستهل "مراهقتي/ الصحفية" وقبل أن "استقرّ" بالعمل في "الدستور" واحترف مهنة المتاعب.
كنتُ أعد "تحقيقا صحفيا" حول "هموم الكاتب الأردني" لنشره في جريدة "صوت الشعب" بتكليف من المرحوم المحترم موسى عبد السلام.. وذهبتُ إلى "رابطة الكتاب" في مقرها القديم بـ "جبل اللويبدة".. وبدأتُ إجراء لقاءات مع الكتاب والأدباء من أعضاء الرابطة.
وكان "مؤنس الرزاز" قادما منذ فترة قصيرة من بيروت.. وعرّفني عليه القاص محمود شقير.. بانه "كاتب عربي".. صاحب تجربة روائية كبيرة.
ولحسن حظي ان مؤنس او "ابو منيف" كان "اول" من استجاب لرغبتي وتحدث معي.. ومنذ ذلك اللقاء.. صرتُ واحدا من المقرّبين منه، وكنتُ بعدها، احرص على زيارته في "بيته" المجاور لـ "حديقة اللويبدة"..
وبعد أن عملتُ بصحيفة "الدستور" استاجرتُ "غرفة صغيرة" مجاورة لـ "مطعم ابو محجوب" لأكون قريبا من صديقي الكبير (سنّا وقدرا وتجربة) مؤنس الرزاز.
صداقة روحية وكنتُ أبوح له بـ "مشاكلي العاطفية" و"الصحفية" وأستعين به في متاعب المهنة وأذكر انه "انقذني" من " الطّرد " من الصحيفة عندما اجريتُ " تحقيقا صحفيا حول " فتاة الجامعة .. كم ساعة تقضي إمام المرأة " والذي أثار متاعب في مستهل عملي ب " الدستور ".. فلجاتُ إلى " مؤنس " الذي توسط لي عند رئيس التحرير ...و " قام بتهدئة النفوس "..
كنتُ ازوره صباح كل يوم " جمعة " في بيته وقد عرفني على والدته وزوجته وأبنائه ومن بعيد تعرفتُ على شقيقة " عمر " الذي كان يدرس في امريكا و الذي اصبح الدكتور وصاحب المعالي وبعدها " دولة " رئيس الوزراء.
واقتربتُ أكثر من " مؤنس " بعد أن أصدر روايته الخطيرة والمهمة ، بوجهة نظري " ( اعترافات كاتم صوت ) التي جعلتني اعرف اكثر عن معاناة والده المفكر القومي د. منيف الرزاز صاحب كتاب " التجربة المُرّة " والذي دفع ثمن أفكاره حين " خانه الرفاق " وانقلبوا عليه وعلى مبادئه.
كان مؤنس يبوح لي باحزانه ومتاعبه السياسية وينصحني بالابتعاد عن السياسة .. وان اظل كما انا " صعلوكاً مهذّباً " كما كان بصفتي
.. واكتشفتُ فيه " الكاتب الساخر " الذي كان يُظهره في مقالاته .. ضمن " الكوميديا السوداء "..
عشرون عاما مرت وانا افتقد جلساته ورواياته وحسّه المُرهَف بالحياة.
وكلما يراودني الحنين الى " اللويبدة ".. أمرّ على باب بيت " ابو منيف " واترك دمعتين .. و أمضي !