لسنوات خلت كنت ادرس مادة علم نفس المراهقة في إحدى الجامعات.وهي مادة جميلة وممتعة. يدرسها طلبة الدبلوم العالي بعد البكالوريوس وكان معظم الطلبة يعملون وأكثرهم متزوجين..
قلت لهم ذات محاضرة وكانت عن احتواء الاباء لابنائهم وكيف يمكن تربيتهم على الحوار والنقاش بعيدا عن السيطرة والسطوة والعصبية وخاصة في مراحل الطفولة الاولى..وقلت لهم ان الاطفال يبحثون عن المحبة والعطف والحنان وينتظرون قدوم والدهم من اجل رؤيته واقبالهم عليه لكي يضمهم اليه ويقبل وجنتيهم..ويشعرهم بالدفء والمحبة والرقه ويلفهم بحنان ابوي جميل..
وقلت لهم انا افعل ذلك مع ابنائي: زيد ورامي حفظهم الله ..فقد كنت عندما أعود إلى البيت ويفتح لي الابناء الباب اضمهم الى صدري فرحا وسعادة وهناء رغم كل ضغوط الحياة وقسوة الأيام وصعوبتها.. وكنت ارفع كل واحد منهم على كتفي واعبر به كل اركان البيت فاشعر بلذة الحياة وصدق المشاعر وفرح الدنيا وكنت ارى فيهم وهم على الاكتاف كل الوان الفرح والبهجة والسرور..
ودار نقاش طويل حول الاباء والأبناء وطريق المعاملة والسلوك الحسن واحتواء الابناء رغم كل اوجاع الدنيا..وانتهت المحاضرة وخلفي سارت طالبة من طالباتي وبالصدفة كانت معها طفلتها الصغيرة..حتى إذا ما وصلت مكتبي..قالت لي : دكتور : انا متزوجه هذه ابنتي وانا عمري سبعة وعشرين عاما.. ولغاية الان لم احظى وافرح واسعد بضم والدي إلى حضنه الدافئ وما زلت افتقد ذلك الشعور الابوي الجميل وأخذت تبكي وبللت وجنتيها الدموع..ومضت ولفها وجع الاب والام السنين..