ثمة قصص كثيرة مرويّة عن حياة الملك عبدالله الثاني، بين العسكر خاصة، هناك حيث حكايات الجند والقائد، لملك يرى كل حياته مبرمجة بالانضباط والانجاز والسؤال عن حاجات الناس وقوتهم، وهو ما انعكس على فترة حكمه المليئة بالانجازات والتي كان عنوانها منذ تسلم القيادة: الرعاية وتحسين الخدمات للناس في مجالات شتى: قروض للطلبة وبيوت للفقراء وجامعات تنتشر في مختلف المدن، وتحولات في بنية الاقتصاد ونمو في الناتج الاجمالي من 8 مليارات عام 1999 إلى 41 مليارا اليوم، وتوفير أفضل الفرص للمؤسسات الأمنية والجيش العربي من أجل التحديث والتطوير.
ازمات اقتصادية كبرى ضربت المنطقة والعالم، والأردن صمد فيها، تراجع الدعم العربي في سنوات بعينها، ولجوء كبير من الاشقاء العرب من دول تعرضت لموجات الربيع العربي، وعدا عن ذلك تحدي الارهاب الكبير والحرب العالمية عليه منذ احداث 11 سبتمبر، وفي كل تلك الاحداث ظل الأردن دولة مركزية في المنطقة وحاسمة في خيارات الغرب تجاهها.
تجارة حرة بدأت ونمت مع الغرب وعلى رأسه الولايات المتحدة، وبعثات علمية قاربت العشرة آلاف بعثة، ونمو في شبكة التعليم والجامعات من خمس جامعات عام 1999 إلى 35 جامعة وكلية جامعية اليوم، وكذلك الحال في اعداد المدارس والمعلمين والطلاب الذين نموا باضعاف ما كنّا عليه عام 1999، كل ذلك في زمن قصير ومليء بالتحديات.
في الذكرى الثالثة والعشرين للوفاء والبيعة، يقف الأردنيون أمام رسالة الملك عبدالله الثاني التي وجهها لأبناء شعبه الكريم بمناسبة عيده الستين، وقد فتح فيها جلالته الباب على المراجعات العملية والعلمية للتطوير والتحديث الوطني العام.
واليوم تمثل حياة الملك عبدالله بعقودها الستة، حياة وأعمار الشريحة الغالبة من ابناء الشعب الأردني، من جهتين: جيله الذي عاش مع والده الملك الراحل ومعه ايضا، وعاصر ملكين وشهد بناء الأردن المعاصر عبر العقود الستة التي مضت، ومن جهة أخرى الشريحة الأكبر اليوم في الأردن في الفئة العمرية من 7- 20 وهي فئة وعت الأردن في ظل الملك عبدالله الثاني، وشهدت التغيير الكبير في حياتنا. وثمة من كان عمره حين تولى الملك الحكم على في الثامنة عشرة، واصطحبه معه لحضور القمم العالمية، وبات اليوم يدرس في الجامعات.
نعم ورث الملك عبدالله مملكة وعرشا راسخاً، لكنه واجه الكثير من التحديات، وصنع الكثير من الفرق والانجازات واحدث الكثير من التغيير وعوامل البقاء والصمود، في زمن كان العالم يعيد تشكيل بُنية القوى العظمى فيه، وما زالت المنطقة تحت تـأثير ذلك التشكيل.
(الدستور)