خطابات نيابية في موسم الموازنة العامة
مأمون مساد
08-02-2022 12:08 AM
المشهد السنوي الاعتيادي وفق أحكام الدستور في مناقشة الموازنة العامة للدولة يبدأ وسط ارقام تبدو انها اعتيادية حيث يبلغ العجز المتوقع 1.7 مليار دينار ، و إجمالي النفقات المقدرة في 2022 يبلغ 10.6 مليارات دينار وتبلغ قيمة الإيرادات العامة المتوقعة بحسب مشروع الموازنة الجديدة 8.9 مليارات دينار ،وتوقع بارتفاع المنح الخارجية إلى 848 مليون دينار (الأرقام من المؤتمر الصحفي لوزير المالية أواخر تشرين ثاني الماضي).
مجلس النواب يعلم أن الدستور وفق المادة 112 الفقرة 4 نصت على (لمجلس الامة عند المناقشة في مشروع قانون الموازنة العامة او في القوانين المؤقتة المتعلقة بها ان ينقص من النفقات في الفصول بحسب ما يراه موافقاً للمصلحة العامة وليس له ان يزيد في تلك النفقات لا بطريقة التعديل ولا بطريقة الاقتراع المقدم على حدة على انه يجوز بعد انتهاء المناقشة ان يقترح وضع قوانين لاحداث نفقات جديدة .) .
قصة الموازنة العامة للدولة في واقع الأمر تعكس قدرة الحكومة على تبني السياسات واجتراح الحلول للخروج من الأزمات المالية والتطلع للمستقبل ومواكبة المتغيرات والإستفادة من الفرص وبما ينعكس على اقتصادنا الوطني الذي ما زال يراوح مكانه في نسب النمو والعجز في ظل توالي الازمات العالمية والاقليمية والمحلية، وذلك أن الاداء التقليدي للحكومات هو الذي يحرم البلاد من أحداث فوارق تخالف المخرجات السنوية ، ولسان حال الحكومات أن انقطاع السبل والحلول وزمن المعجزات يجعلنا نتمسك بذات النهج الذي يراوح بنتائجه مكانه .
لقد طرحت غير مرة ومثلي كثيرون أن على الحكومات الأردنية امتلاك الشجاعة والابتكار في الحلول والاقتباس من تجارب عالمية نجحت في تخطي عقبات وتحديات مشابهة لتحدياتنا وعقباتنا ، بل أن مثالا واحدا في بلادنا هو مطار الملكة علياء الدولي يعد انموذجا ناجحا وقد تعاملت الدولة معه عام 2007 بنظام (B.O.T) ، فلماذا لم نعمم التجربة في مشاريع راسمالية تقدم خدمة فضلى ،وتحافظ على الأصول، وتخفف أعباء الخزينة ، بل وتزيد من فرص الاستثمار في تكاملية الخدمات على الارض ، وتسهم في ردم الفجوة المتسعة من البطالة في كل عام فحاجتنا إلى ربط سككي للبلاد مع دول الجوار يضاهي بأهميته المطار ، ويفتح آفاق اكبر .
ليس الابتكار في الحلول يقتصر على المشاريع الرأسمالية بل يتعدها إلى استثمار الموارد الطبيعية الموجودة شرق البلاد وغربها ، شمالها وجنوبها فعلى سبيل المثال فإن كمية السليكا «الرمل الزجاجي» الموجودة في محافظة معان تقدر وحدها بنحو 12 مليار طن ، وتتمتع بنسبة نقاء عال جدا تصل الى نحو 99 % الامر الذي يشكل فرصة كبيرة للاستثمار وبأسعار مجدية لابد معها من التفكير جيدا بذلك.
المحور الثالث الذي يمكن أن يخرجنا إلى فضاءات أوسع اقتصاديا يتمثل في بيع الخدمات التعليمية والصحية والتكنولوجية والسياحية ، ونحن من نمتلك النسبة الأعلى في الموارد البشرية القادرة على ذلك بدء من منح الفرص لإنشاء المدن الجامعية والمدن الطبية وترويجها بتنافسية تحقق عوائد وآثارا تحد من البطالة وتوفر فرص عمل نحتاجها لنحو ربع مليون طالب وظيفة في ديوان الخدمة المدنية ، والحال في كسر قوالب صناعة السياحة التقليدية واعتماد تنافسية المنتج والسعر معا.
اعتقد ان محاور مثل هذه المحاور يجب أن تكون حاضرة في خطابات المناقشة العامة للموازنة ، لا أن نبحث عن خدمات بلدية ومناطقية على أهميتها ، وليكن المجلس رافعة اقتصادية في المعالجات والمناقشات ويفكر في توجيه التوجه الاقتصادي للحكومات .
(الدستور)