السبب وراء انقطاعات الكهرباء المتكررة
م. وائل سامي السماعين
06-02-2022 12:48 PM
تابع الشعب الاردني موضوع انقطاعات الكهرباء المتكررة عند حدوث منخفضات ثلجية او حتى امطار رعدية منذ سنوات، حيث وصلت الانقطاعات هذه المرة إلى أكثر من 2000 انقطاع، ووصلت مدة الانقطاع في بعض الحالات الى اكثر من ثلاثة ايام متواصلة حيث شملت الاف المواطنيين.
الجميع تحدث عن الاسباب الظاهرة للعيان مثل وقوع الاشجار على الاسلاك الكهربائية الممتدة بين اعمدة الكهرباء، والتي بدورها انقلبت رأسا على عقب، وادت الى انقطاع الاسلاك والتيار الكهربائي، بسبب رداءة التنفيذ والاشراف على تركيب تلك الاعمدة المتهالكة، وندرة الصيانة الدورية، وتحدثوا ايضا عن ان مثل هذه الاعطال تتكرر في كل موسم بدون حل جذري لمنع تكرارها.
تعلمت من خلال الحياة العملية والدراسة ان الحل لآي مشكلة لمنع تكرارها، يجب ان يكون مبنيا على اسس علمية لتحليل السبب (الجذري)
وهذه الطريقة تسمى RCA ( Root Cause Analysis)، وهي عملية اكتشاف الأسباب الجذرية، وهي الاكثر فاعلية لمنع تكرار المشكلات الأساسية، وحلها بشكل منهجي بدلاً من مجرد علاج الأعراض وإخماد الحرائق كما يقول المثل.
والخطوات العملية للوصول للحلول الجذرية هي:
تعريف المشكلة. وتحليل ما يحدث، وتحديد الأعراض بدقة حتى يتمكن المحلل من تكوين وبيان المشكلة، وهذه تعتمد على الادوات التالية:
1- جمع البيانات
2-تحديد العوامل المسببة
3-تحديد السبب (الأسباب) الجذرية
4- التوصية وتنفيذ الحلول
وتستخدم ادوات علمية معروفة للوصول الى الحلول الجذرية مثل fishbone diagram وغيرها
هناك اسئلة كثيرة بحاجة الى اجابات شافية، ومنها على سبيل المثال لا الحصر، هل تقوم صناعة الكهرباء وتوزيعها في الاردن على معايير عالمية، من حيث وجود دوائر للسلامة العامة والمهنية، ودوائر ضبط الجودة في شركات الكهرباء مثلا، وهل تقوم تلك الدوائر او غيرها بعمل دراسات تقييم المخاطر Risk Assessment للشبكات الكهربائية التي قد تتعرض لها، وتسبب خطرا على حياة المواطنين والسلامة العامة، وتؤدي الى انقطاع التيار الكهربائي عن المشتركين. وما هي برامج الصيانة الوقائية الدورية ......الخ، ام ان دوائر السلامة العامة وضبط الجودة غايب فيلة.
اضف الى هذا كله هل يتم تنفيذ الاعمال والشبكات الكهربائية عن طريق مواصفات قياسية معتمدة، ويتم طرحها من خلال مناقصات تعتمد على معايير الشفافية، ويكون هناك اشراف هندسي معتمد.
لا يوجد هناك شك، بان هناك جهات متشابكة الصلاحية لم تقوم بواجباتها الموكولة اليها، وهناك جهات رقابية، من واجبها الاساسي الرقابة والمحاسبة حسب القانون والانظمة المرعية، ولكنها لم تقوم بواجبها الموكول اليها ايضا، ولذلك من الضروري ان تقوم الحكومة بتحويل الملف الى جهات استشارية فنية محايدة، لتقديم تقرير فني شامل حول هذا الموضوع، بحيث يشمل جميع الجوانب الفنية والادارية والتنظيمية، ومن ثم تحويل الملف الى جهات قضائية لتحديد المقصرين من طرفي المعادلة الرقابية والتنفيذية. فالاردن كان من الدول الرائدة منذ عشرات السنيين في توصيل الكهرباء الى البوادي والقرى البعيدة من خلال فلس الريف، فكيف يمكن قبول هذا الترهل في المئوية الثانية.
واخيرا عندما يكون هناك انقطاع في الكهرباء يزيد عن 12 ساعة، من المفروض ان تقوم الجهات المعنية بتوفير غرف فندقية كبديل للمشتركين وخصوصا في ايام الثلج او للمرضى الذين يحتاجون عناية فائقة ولكن هذا لم يحدث، ولذلك ينتظر المواطن الاردني بفارغ الصبر المحاسبة للمقصرين والتعويض للمتضررين. بقي ان نقول ان غياب الرقابة والمحاسبة وفي جميع المجالات يؤدي دائما الى نتائج وخيمة لا تحمد عقباها.
waelsamain@gmail.com