ريان .. بكيت وحدك ورجفت وحدك ومت وحدك ولقد تأخرنا عليك
د. محمد حيدر محيلان
06-02-2022 09:39 AM
البقاء لله وحده ،واجمل الصبر لوالديك واهلك ورفاقك.... كنت اتمنى كغيري من الملايين ان تخرج من رحم الارض وتحدثنا عن غياهب النُقب يا ولدي .. تحدثنا ورفاقك واهلك عن وحدتك وخوفك ورعبك ... عن الليل الطويل الذي قاسيت وحدك.. والالم والبكاء والصراخ والاستغاثة بوالديك ...ثم نشيد ببطولتك وصبرك وكيف انتصرت على الظلام ووحشة البئر وصومك القهري ...كنت اريدك كما الجميع أن تنجو وتكبر وتتذكر تلك الايام القاسية والمرعبة ولكن .. تركتنا وذهبت عاتبا ومغاضباً وربما حزيناً باكياً..ووحيدا..
عشت وحدك يا ريان وبقيت وحدك يا ريان وجعت وحدك يا ريان وعطشت وحدك.. وبكيت وحدك وهكذا تموت وحدك في ظلمات البئر .. ولو ان العالم كان كله معك بالخارج .. الا انهم لم ينفعوك ولم يخففوا وحشة الخوف والرعب عنك .. وقسوة وضيق المكان ولم يسعفوك ويهدءوا روعك ... لو كل قلوب العالم ودعواتهم كانت معك.. إلا أنك كنت وحدك تقاسي وتعاني الرهبة والالم بعيداً عنا..
لعلك يا ولدي مت خوفاً او قهراً او جوعاً او عطشاً!؟ لعلك مت صبرا او يئساً لعلك مت وانت تنتظر ان يأتي ابويك .. لم يسرعا اليك..وأنى لهم ذلك!؟ ولأن اخوتك ورفاقك ايضا لم يكونوا قربك ...لعلك ولعلك يا ريان.. لكنك يا ولدي بقيت وحدك تصارع الموت وليس لديك ما تذود به او تتزود به .. حتى اشجع الشجعان يا ريان لو انه فقد مؤونته وزوادة الطريق لخسر المعركة او ارتدَّ عائداً او القى سلاحه وعقل فرسه واسلم روحه عطشاً وجوعاًمن غير جراح ولا ضيق وسجن النُقب مثلك..
وانتظرت وحدك يا ريان
ورجفتك وحدك يا ريان
بلا حنان الام او دفيء اليدان ..
وبردت وحدك واستغثتَ
لكنْ لا مجيب يطلُ
يمنحك الأمان..
وتموت وحدك تاركاً غُصصاً
تحشرج فينا
ما طال الزمان...
لك الله يا ريان
أنجاكَ من ضيق المكانِ
لأوسعِ غرفةٍ وَسَطَ الجنان...
فأنعم بنور الله يؤنس وحْدَتَكْ
وتطوف في جنات تنعم بالأمان..
الله ارحم بك منا فعش في حوصلة الطير وانعم في رحاب الجنة الواسعة من ضيق البئر، وظلماته، وضيق الدنيا وشقائها، الذي اظطر ابوك، ان يحفر بئراً ليروي عطشك وعطش اخوتك، ولم يكن يعرف بانك ستموت ظمئاناً فيه !؟ ولم يسعفك ذلك البئر بشربة ماء تنقذ عمرك الندي.. نعم لقد صبرتَ وتجلدتَ ياولدي لخمسة ايام وذلك كثير... لا يصبر عليه كبير... وبدون الم ورعب وجوع وعطش ...ونحن تأخرنا عليك..نعم تاخرنا كثير يا ريان.. فلكَ العُتبى فاعتبْ علينا، واغضبْ منا، ولا تسامحنا... لقد تركناك وحدك يا ريان ...
قلوبنا ودُعاؤنا وحده لا يكفي .. نعلم يا ريان وان خمسة ايام كثير ..لقد انتظرت وصبرت.. ولكنا تأخرنا عليك فعتبت وبكيت ويئست وفقدت الثقة فينا ... فمت ..نعرف انك مت حزيناً وبائساً ووحيدا... وكل مبرراتنا وحشودنا وتعاطفنا ودموعنا لا يغفر تأخرنا عليك ولكن لك الله....
ليتغمدك برحمته وفضله وانا لله وانا اليه راجعون.