أجدني اليوم مدفوعا بالموقف والعاطفة الوطنيين للكتابة عن رمز وطني الدكتور عمر الرزاز رئيس الوزراء السابق ، وأقف إلى صفه لأن الرجل بات من الواضح تماما أنه يتعرض إلى ظلم مقصود من الكثيرين الذين يزعجهم وجود شخصيات وطنية مثله يفتخر بها الأردنييون.
كثيرون من الأردنيين وأنا منهم نفهم جيدا سر هذه الحملات التي تشن على الرجل بين الحين والآخر ،لأن نموذج الدكتور الرزاز في الوطنية وصدق النية في العمل العام كما قلت يزعج الكثير من الذين يعتبرون وجود مثل هذا النموذج يكشف عند الناس بالمقارنة سوء معدنهم وفشلهم بأن يكونوا مثله .
من حق الرئيس الرزاز أن يمارس حياته كأي مواطن أردني بحرية ، ولكن ترى هؤلاء عندما يقوم الرجل بأي نشاط عادي يمارسون تصيدهم المشبوه ، فإذا سافر في رحلة خاصة تجدهم يشهرون سيوفهم الصدئة وإطلاق الإشاعات والتأويلات غير الأخلاقية نحوه، وإذا كتب أو حاضر يكون الحال نفسه.
في الأيام الماضية برزت هذه الأدوات من جديد عندما جاء في الأخبار أن الرئيس الرزاز سيلقى عدة محاضرات في جامعة هارفارد الأمريكية ، ووجدت فرصة للإستهداف وكأن الدكتور الرزاز ارتكب خطيئة وطنية لا سمح الله تعالى .. ألم نكن نطالب ونتمنى أن يكون لدينا سياسيين كما عند الشعوب والدول المتقدمة عندما يغادرون مناصبهم الرسمية يتجهون إلى ميادين الفكر والدراسات ليقدموا تجربتهم للأجيال الجديدة .
اليوم عندما يقدم الرئيس الرزاز هذا النموذج تطاله أسهم النقد الأسود ويتهمه أرباب الإشاعات الرخيصة بأنه يريد أن يترك وطنه ويهاجر ، مع العلم الأكيد أن الرئيس الرزاز ملتصق بوطنه الأردن وبمدينته عمان ويعشقها عشقا عميقا كما كل الأرض الأردنية ،وقد اختار أن يسكن في بيت عماني قديم في جبل اللويبده الذي يرتبط بعمق تاريخ عمان ليكون الأقرب إلى أصالتها ، فلا يزاود أحد على الرجل بحبه وارتباطه بوطنه ، ومن حقه كمواطن أردني أن يتصرف بحياته ونشاطاته كما يشاء .
لا زلنا نتغنى برجال الدولة بالزمن الماضي الذين كانوا يعيشون كأي مواطن عادي سواء كانوا في السلطة أو خارجها ، وأنهم أصحاب أيدي نظيفة ونوايا صادقة في خدمة وطنهم ، واليوم حين يقدم أيضا الرئيس الرزاز هذا النموذج بتواضعه والتصاقه بالناس ونظافة يده ويمارس السياسه من خلال الفكر والثقافة والوطنية العميقة يأتي البعض ليطلقوا سهامهم المسمومة نحو الرجل ويصرون على ممارسة هوايتهم المشبوهة باستهداف هذه الشخصية الوطنية .
إن الملك عندما يريد أن يختار شخصية وطنية ليكون في المسؤولية المتقدمة يفرز فرزا دقيقا ليختار ، وعندما اختار الدكتور عمر الرزاز ليكون رئيسا لحكومته كان يعلم جيدا أنه على مستوى المسؤولية وصعوبة الظرف .
يجب أن نفتخر بأن الأردن مازال يستطيع أن يفرز نماذج كنموذج الدكتور عمر الرزاز في ميادين العمل العام والفكر والسياسه ، شكل علامة فارقة في مسيرة السياسة الأردنية المعاصرة .
أما آن لهذه الماكينات المجروحة وطنيا أن يتوقف أصحابها عن استهداف الشخصيات الوطنية ومحاولة اغتيالها ، أما آن لسدنة الصالونات السياسية التي عانى الوطن منها كثيرا أن يتقوا الله في الوطن ورموزه.
أنا في السطور أعلاه لا أدافع عن الرئيس الرزاز ،فالرجل ليس بحاجة للدفاع ، فتاريخه ومسيرته وتاريخ عائلته يشهدون له بأنه فوق الشبهات وأنه يتحدى بذلك كل مشكك مريض ، ولكني أردت أن أقدم شهادتي في هذا الرجل الذي نتمنى أن يتعدد نموذجه في الساحة الوطنية الحقيقية في ممارسة العمل العام بنظافة مطلقة باليد والهدف المتسلح بالإخلاص وعمق الفكر والثقافة .