ماذا يعني إصدار عملة رقمية أردنية؟
05-02-2022 12:22 PM
عمون - منذر الفاعوري - تعرف العملات الرقمية بأنها (النقود الرقمية أو الإلكترونية) وهي نوع من العملات المتاحة فقط على شكل رقمي، وليس لها وجود مادي مثل الأوراق النقدية، أو العملة المعدنية.
ومؤخرا يدور الحديث في الأردن حول دراسة إمكانية إصدار عملة رقمية رسمية قد تكون مدعومة او مرتبطة بالدينار الأردني، الأمر الذي أثار فضول المصرفيين والمستثمرين في البورصة المالية ومخاوف تتمثل بما هية هذه العملة ومدى خطورتها على القطاع المصرفي أو السياسة النقدية، إضافة الى المكتسبات والفوائد التي يمكن تحقيقها في حال تم طرحها للتداول أو التعامل المصرفي.
الخبير الاقتصادي حسام عايش قال لـ عمون، إن الدول الاقتصادية العظمى تتسابق الى فكرة اعتماد عملات رقمية خاصة بها لإدخالها على النظام المصرفي الجديد في محاولة لمواكبة التطور وتسريع وتيرة التعاملات النقدية وربما الاستغناء في مرحلة مستقبلة عن العملات الورقية.
وأشار عايش إلى أن العملات الرقمية تختلف عن تلك المشفرة مثل "البيتكوين او الداش كوين او الداد كوين" وغيرها من العملات التي ليس لها ضوابط قانونية ويتم تداولها بطرق غير شرعية وتنشط من خلالها عمليات غسل الأموال والتهرب الضريبي وغيرها من التداولات غير الموثوقة.
وبين عايش، أن ما يميز العملات الرقمية المرخصة، إحتوائها على أرقام تسلسلية وارتباطها بعملة أخرى مثل الدينار او الدولار وبالتالي يكون لهذه العملات نظام تداول مصرفي موثوق ومدعم بأنظمة وقوانين تحمي المتداول او المتعامل بها، ما يعني أن الإستثمار بها يخضع لأسس الرقابة والتشريع كما يسهل تتبعها عبر نظام مالي رقمي الكتروني محدد يستطيع من خلاله أي شخص أن يعرف مدى هامش الربح والخسارة بسقوف معينة حالها حال العملات الورقية، وإضافة لذلك يسهل تداولها من أي مكان وأي وقت وبأقل وقت ممكن كونها تحمل قيمة مصرفية يمكن من خلالها شراء أي منتج أو إيداعها كرواتب شهرية، وغير ذلك من الأمور الحياتية المختلفة.
وأوضح أن البنوك المركزية العالمية تسعى حاليا في خطوة مدروسة لمواكبة تطورات المستقبل وشرعنة العملات الرقمية حتى لا تبقى في يد أشخاص وهميين أو دول بعينها، حيث إستبقت الصين جميع الدول في طرح عملتها الرقمية والتعامل بها محققة أرباحا كبيرة في هذا الجانب لتفرض تعاملاتها المالية الداخلية ومنها الدولية بالعملات الرقمية، وهذا يظهر لنا مدى التنافس الاقتصادي المالي العالمي بين الدول العظمى، خاصة وأن دولا مثل أمريكا والإتحاد الأوروبي وبريطانيا باتت تدرس بجدية إعتماد التداول بالعملات الرقمية الخاصة بها الى جانب الورقية أو المعدنية.
وزاد عايش، أن العملة الرقمية هي رصيد مالي مسجل إلكترونيا على بطاقة ذات قيمة مخزنة أو جهاز آخر أو أموال الشبكة، تسمح بنقل القيمة على شبكات الحاسوب، ولا سيما شبكة الإنترنت والمال الإلكتروني، ويتم التعامل بها أيضا مثل الودائع المصرفية ويمكن أن تكون الأموال الرقمية مركزية، حيث توجد نقطة مركزية للعرض النقدي أو لامركزية ويمكن التحكم في العرض النقدي من مصادر مختلفة، الأمر الذي يتطلب حماية عالية لطرح مثل هذه العملات وضمان تداولها بسياسة نقدية تحد من مخاطرها وتشجع على التعامل بها في السوق المحلي.
وأشار إلى أن الأردن قد يجري دراسة جدوى ولكنه لن يذهب للتعامل بالعملة الرقمية إلا بعد سنوات في إنتظار إعتماد الدول الإقتصادية الكبرى (الولايات المتحدةـ بريطانيا، الإتحاد الأوروبي، روسيا) لمثل هذه العملات في نظامها المصرفي، معتبرا أن هناك مؤثرات للتعامل بالعملة الرقمية، فمن تجربة بعض الدول بهذا الجانب لوحظ زيادة بالضغط وإستهلاك الكهرباء كون عملية التداول تبقى مستمرة لساعات طويلة وهو ما يعرف "بتعدين العملة الرقمية" كما يحتاج المتداول الى شبكة إنترنت قوية وغيرها من الامور الفنية او التكنولوجية المرتبطة بالعملية المصرفية.
من جهته، الخبير الاقتصادي فهمي الكتوت أكد أن العملات الرقمية لها خصائص مماثلة للعملات المادية المعدنية أو الورقية، ولكنها تسمح بالمعاملات الفورية ونقل الملكية بلا حدود، وعلى غرار الأموال التقليدية، يمكن أن تستخدم هذه العملات لشراء السلع والخدمات.
ونوه الكتوت في حديثه لـ عمون إلى أن تداول أي عملة "نقدية او رقمية" يحتوي على جوانب ايجابية وسلبية يرافق ذلك تغيرات في تعامل السوق، فمثلا قد ينتهي الأمر بزوال شركات أو محال الصيرفة وإنتقالها الى العالم الإلكتروني دون الحاجة الى استئجار مكاتب او محال للعمل في إنتظار الزبائن.
وأكد الكتكوت في حديثه لـ عمون، أن إحداث أي تغيير على أي نظام مصرفي في العالم يحتاج إلى تشريع قانوني يحمي ذلك الإجراء والمتعاملين به، كما أن التعامل بالعملات الرقمية يحتاج الى سياسة نقدية ثابتة ترسم ملامح السير بها وصولا الى مأمومنية تداولها.
وقال إن تداول أي عملة يحتوي على نسبة مخاطر في جانب الربح أو الخسارة وهذا ما قد يميز تداول عملة رقمية جديدة خلافا للعملات المشفرة المخالفة وغير الشرعية، معتقدا أن الأردن يحاول إجراء دراسة فنية أولية لتهيئة السوق في أي وقت لإدخال عملة رقمية جديدة، الأمر الذي يحتاج إلى توعية الناس بفوائد التعامل والتداول بهذه العملة لإعطائهم ثقة بها كما المحافظ الإلكترونية التي ظهرت نتيجة لما فرضته جائحة كورونا، والتي سهلت بدورها آلية التعامل المصرفي بين الشركات والأفراد والبنوك والمؤسسات وحتى التجار.
ودعا الكتوت الجهات المختصة إلى تقديم إيضاحات أكثر بهذا الشأن وأن تنتظر حتى تخطو دولا تمتلك عملات ورقية او معدنية لها تأثير عالمي مثل أمريكا وبريطانيا والإتحاد الأوروبي، بإتجاه إعتماد عملات رقمية لما لها من إنعكاسات على السياسات النقدية الدولية، خاصة وأن الدينار الأردني يرتبط بالدولار الأمريكي، وهذا بالتأكيد لا يغيب عن صانع القرار الإقتصادي المالي المصرفي الأردني، وفق ما قال.
يذكر أن محافظ البنك المركزي الأردني الدكتور عادل شركس، كشف قبل أيام خلال اجتماع مع لجنة الاقتصاد والاستثمار النيابية عن دراسة إمكانية إصدار عملة رقمية رسمية، مشيرا الى أن العملة الرقمية تختلف عن العملات الافتراضية وتكون مدعومة بالدينار الأردني.
وأضاف أن الأردن ينتمي إلى الدول التي حظرت العملات الافتراضية "المشفرة"، وهناك منظمات إرهابية تستخدم عملة البتكوين الرقمية لجمع الأموال، كما أنه تم رصد إعلانات مشبوهة حول العملات الرقمية الافتراضية، وتم التعامل معها من خلال الجهات المعنية.