مسيرة تؤشر على الطفر .. وأخرى على البطر
د. سمير حمدان
01-08-2010 04:19 AM
بات واضحاً لمن له عيون يبصر بها أن المجتمع الأردني يشهد انقساماً طبقياً حاداً لم يسبق له مثيل ، ورغم التطمينات بأن البلاد لا تعيش أزمة اقتصادية حادة ، إلا أن الواقع لا يؤيد ذلك.
منذ أكثر من عشرة أشهر وقضية عمال المياومة تراوح مكانها دون أن تجد من يجروء على معالجتها وهي جًد بسيطة.
مائتان أو ثلاثمائة عامل لا يزيد مرتبهم الشهري عن مرتب ومكافآت عضو مجلس إدارة في شركة حكومية أو ثلاث سكرتيرات متنفذات ، اعتصموا بحبل الله وقنعوا بالراتب الهامل الذي لم يرض بهم .. تظاهروا واعتصموا لعل أحداً يسمع لهم ولكن لا من مجيب . مضى وزير الزراعة السابق مرتاح البال والضمير وقرير العين لأنه كما يعتقد خلص الوزارة من الحمولة الزائدة وساهم في خفض النفقات.
وها هي قضية المعلمين تراوح مكانها . فبدلاً من أن تستفيد الحكومة من المبادرة الملكية السامية ذات الدلات الكبيرة والعميقة والتي شملت أبناء المعلمين بالبعثات الدراسية أسوة بأبناء القوات المسلحة وتبني عليها، لا زالت تراهن على ملل المعلمين وانقساماتهم لتعفي نفسها من اجتراح حلول للمشكلة.
إن ما يجري في بلدنا من تحركات مطلبية واعية وهادئة تلتزم بالدستور وتثق بسيد البلاد ، لتدلل على مدى وعي المواطن الأردني وعمق صبره وتقديره للظروف التي يمر بها العالم والمنطقة .
ولكن هناك في المقابل فئة بطرانة لم يعد لها هم سوى رعاية الكلاب والاعتناء بها . ولو وقف الأمر عند ذلك لقلنا بسيطة. أما أن يتجرأ هؤلاء على تنظيم مسيرة في عبدون لكلابهم فهذا عين البطر ، وهنا نتساءل إن كان هؤلاء الشباب قد سمعوا بمسيرة المعلمين أم مسيرة عمال المياومة ؟؟ وما هو موقفهم لو أن مسيرة المعلمين انطلقت من عبدون باتجاه الكرك؟ وما هو موقفهم لو أن عمال المياومة افترشوا أرض عبدون وباتوا ليلتهم هناك؟
لا نريد لهذا الانفصام أن يتكرس . ولا نريد لأهل " عرصة " أن تبيت كلابهم متخمة ريانة كما هي قصية أبي ريان . ولا نريد لأهل " عرصة" أن يفتك بهم الجوع والمرض. نريد حكومة تفتح عيونها واسعة على مشاكل الناس وأن تغمضها قليلاً عن المتخمين . نريد وزراء وقيادات الصف الأول والثاني من أبناء الفلاحين والحراثين والعسكر. وصدق من قال " ما بحرث الأرض غير عجولها " ولم يقل " ما بحرث الأرض غير كلابها".