قراءة معمقة في مضامين الرسالة الملكية السامية 2
فيصل تايه
01-02-2022 02:45 PM
انا ارى وكما يرى معي العديد من المحللين ان جلالة الملك يقدم مشروع وطني يتمناه هو بروح من الحرص على الأردن وابناءه ، ويرى أن بعض المؤسسات قد ترهلت حينما عجزت الحكومات والمجالس النيابه في أن تتقدم خطوة ، لذلك فان جلالته يقدم خطوات هامة من أجل أن نبدأ بالاصلاح ، فجلالته يشعر الان بدقة الظرف فلنتوكل على الله ولنبدا بمشروعنا الاصلاحي بكل همة ومسؤولية وتتشابك الأيدي وتجاوز السلبيات من أجل الولوج إلى مصاف الدول المتقدمة ، ما نحتاج أن نحدد وننفذ خطوات فاعلة لما جاء في الرؤية الملكية السامية .
أن الرسالة الملكية خريطة طريق تحدد الرؤية للمستقبل كما سبق واشرت في الجزء الأول من هذه القراءة ، لذلك على الجميع استنهاض الهمم والخروج من الحلقة المفرغة من التلاوم وبث السواد والإحباط والسلبية والبدء ببناء الوطن بروح الإيجابية والعطاء، وإظهار الجانب المشرق منه، فنحن نتطلع إلى رحابة الانفتاح على عصر جديد لا بد أن نسير غير محاصرين بضيق الأفق والانغلاق ، وعلينا كسر الجمود، فنتفوق على الواقع بدلا من أن نهادنه ، لافتا النظر إلى أن المطلوب في المرحلة المقبلة أن يكون هناك سياسات واستراتيجيات عابرة للحكومات.
ان الأردن اليوم بعد الدخول في المئوية الجديدة يوجه لإعادة صياغة جديدة ومتطورة تنبري عليها خطوات اصلاح منهجي يحمل خطوات عملية جادة ترسم دلالات عميقة بالاصرار على المضي قدما في ترتيب بيتنا الداخلي بما ينسجم وآمالنا وتطلعاتنا ، فعلى الجميع تحديد الرؤية والهدف والانطلاق لهذا الهدف بتكاملية وعزيمة وتشاركية وبأفق حوار واسع ، فما نريده مستقبلا مشرقا نعزز فيه أمننا واستقرارنا ، ونمضي خلاله في مسيرة البناء إلى آفاق أوسع من التميز والإنجاز والإبداع ، مستقبلا نستعيد فيه صدارتنا في التعليم ، وننهض فيه باقتصادنا، وتزداد فيه قدرات قطاعنا العام وفاعليته، ويزدهر فيه قطاعنا الخاص ، لنمضي نحو المستقبل بتطوير أدوات عملنا وتحديثها لتواكب شروط النجاح في عالم سمته التغيير المستمر ، فإما أن تواكب المتغيرات وتمتلك أدوات التعامل معها، وإما أن تعجز عن ذلك، فتصير على هامش المستقبل ، الذي يجب أن نقبل عليه بالشجاعة التي يعرف العالم أنها ميزت الأردنيين على الدوام ، فعلينا ان نتفاءل بالمستقبل فالتشاؤم لا يبني مستقبلا، والإحباط لا يقدم حلولا، ولن نمضي خطوة إلى الأمام إن لم يكن الطموح دافعنا الذي لا يهدأ ، فعلينا أن ندرك أن هناك على الدوام أشخاصا أو مجموعات سيعارضون القرارات، ولن يكون هناك قرار يحظى بإجماع كامل ، لذلك يجب تقبل النقد الذي هو جزء من طبيعة العمل العام الذي هدفه المصلحة العامة، بعيدا عن كسب الشعبوية.
كما ونوه جلالته إلى ضرورة أن تعمل الحكومات بشفافية وتوضح آليات عملها بصراحة ومسؤولية ، ونستعيد معا مساحات الحوار العام ، لنحول دون تمكّن ضعاف النفوس المتسترين خلف شاشاتهم من بث روح السلبية والإحباط وزعزعة الثقة في مجتمعنا ووطننا ، فلا مكان بيننا لمسؤول يهاب اتخاذ القرار والتغيير الإيجابي ، أو يتحصن وراء أسوار البيروقراطية خوفا من تحمل مسؤولية قراره ، كما وعلينا أن تبدد الإشاعات الهدامة بالحقائق المقنعة، ليحل الحوار المرتكز إلى المعلومات محل السجالات المحبطة التي يغذيها غياب تلك المعلومات ، فالثقة هي أساس منعة المجتمع، فإذا انهزت تزعزعت منظومة القيم ، ولا نريد أن يكون لأولئك الذين يجدون في معاركهم الفردية أو بطولاتهم الشخصية غايات أهم من مصلحة الوطن مكان بيننا ، كما ولا بد من تكريس نهج المساءلة للمقصرين في واجباتهم تجاه المواطن ، لأن مفهوم الخدمة العامة يفرض تقديم الحلول وليس وضع العراقيل أمام المواطنين ، لذلك فمن واجبنا أن نوفر الحماية والدعم لكل مسؤول يتخذ القرارات الجريئة ويبادر ويجتهد ، طالما أن قراراته تنسجم مع القانون ولا تعود عليه بمنافع شخصية .
لقد أكد جلالته عده مرات على مستقبل يزخر بالعطاء مستقبلا عنوانه التميز ، وجوهره الإبداع، مستقبلا منفتحا على التغيير والتطور، يستوعب الأفكار الجديدة، ويحتضن التنوع، ويوسع قاعدة قواسمنا المشتركة ، فلا بد من فتح أوسع الآفاق للرياديين من أبنائنا الشباب، وأن نوفر بيئة منافسة لاحتضان صناعات المستقبل ، فمعيار نجاح أي دولة هو قدرتها على التأقلم السريع مع ما يشهده العالم من قفزات نوعية، عبر تحفيز الإبداع والتميز والابتكار والانفتاح على الأفكار الجديدة والخبرات العالمية.
بقي ان أقول وكما قال جلاله الملك : ان هذا الوطن قد بني بجهود من آمن به من أبنائه وبناته، وعملوا وكافحوا وتميزوا، وواجبنا أن نبني على جهودهم، وخياراتنا اليوم ستصنع مستقبل الأجيال القادمة، فلنعمل معا بثقة وإيمان وتكافل، لنوفر الحياة الكريمة لشعبنا في وطننا العزيز، في الحاضر وفي المستقبل ، فقد بات تطوير نظامنا التعليمي بما يلبي الاحتياجات الآنية والمستقبلية لسوق العمل أولوية وضرورة حتمية ، فلا بد أن تعمل الحكومة عليها كما وجهها جلالته ، ذلك ليكون استكمالاً لطرح جلالتة في الورقة النقاشية السابعة بالتركيز عليها وما جاء في محتواها وتوفير كل الإمكانات اللازمة لتحقيقها .
واخيرا فلنتفاءَل بالخير بما هو آت ، فالتشاؤم لا يبني مستقبلا، والإحباط لا يقدم حلولا، ولن نمضي خطوة إلى الأمام إن لم يكن الطموح دافعنا الذي لا يهدأ ، فالأردنيين هم أهل العزم الذين لا يقبلون إلا الأفضل، ومعا سنصنع هذا المستقبل الأفضل.