مسار ثلجي غير آبه بتحذيرات الدولة
عبدالرحيم العرجان
31-01-2022 01:37 PM
بعد إعلان حالة الطقس الجوية في يوم الجمعة الماضي، تصفحتُ وسائل التواصل الاجتماعي تحديداً مجموعات السياحة على الفيسبوك، لأرى منشوراً عن تنظيم مسار بيوم الجمعة الثلجي 28/1/2022 بدعوةٍ عامة ضمن شروط غير مهنية. بالرغم من تعقيبات الأهالي وبالذات سكان عجلون للحذر من القيام به، إلا أنهم لم يكونوا المنظمين لهذه الفعالية آبهين لهذه التحذيرات أو غيرها من رجال الدفاع المدني ووزارتيّ السياحة والداخلية.
بدأ الإعلان الترويجيّ للمسار، بتحفيز الناس من خلال دفع قيمة رمزية "بإثني عشر دينار"، حيث تم تحديد يوم الجمعة للذهاب بمسير يتضمن الذهاب والمغامرة إلى غابات عجلون، ضمن نقاط تجمّع، وكانت نقاط الانطلاق من ثلاثة محافظات "العاصمة، واربد والزرقاء" دون الأخذ بعين الاعتبار أي شروط تتعلق بالعمر والفئة المشاركة وحالتهم الصحية وتصنيفهم، وقدراتهم في رياضة المسير والترحال، بل بوصف المسار بالسهل إلى متوسط الصعوبة، دون تحديد مسافته، فقد كان المنشور يحفز المشاركين من خلال ذكر فقرات التصوير وشرب الشاي على الحطب، فمن أين سيأتي الحطب الجاف بهذا الجو المثلج؟
بجانب استخدام صور فوتوغرافية تشويقية للترويج له دون الإعلان عن المكان قطعياً وهذا ايضا جزءٌ من الغبن بالدعاية والإعلان، والذي لا يحقق الواقع بالمتوقع! حيث كان المسير غير مدروس ودون النظر لصعوبات المسار الثلجي، بعكس المسار الذي كان الاسبوع الماضي الماخوذ صورة -المسير والترحال في لبنان- وبقيادة الرحالة الخبير حسان عليق، بمسار أرز عين زحلتا والذي قيمه بالصعب، وبمشاركة انتقائية لذوي الإمكانيات الجسدية، والخبرات الطويلة والتجهيزات الاحترافية الملائمة، فرافقناه عندما صعدنا إلى قمتي القرنة السوداء الأعلى في بلاد الشام 3088م وصنين الأصعب في لبنان 2628م والذي كان يهتم بأدق التفاصيل بالتنظيم دون حدوث الأخطاء.
وهنا نتساءل كيف لهذه المجموعة القدرة على الوصول إلى نقطة البداية سواء استخدمت سيارات خاصة أو حافلات! وكيف ستحدد نقاط الإخلاء حين أن كثير من طرق الغابات مغلقة تماماً والطرق الفرعية سالكة بحذر؟!، وأي كاهل إضافي سوف يقع على عاتق رجال الدفاع المدني الذين هم في حالة طوارئ لمساعدة من تقطعت بهم السبل، ولا نزيد على عاتقهم من خرج للاستجمام والمغامرة والذي أعاد لذاكرتنا الحادث الأليم الذي وقع في زرقاء ماعين لضعف الخبرة وعدم الاكتراث بالحالة الجوية وتحذيرات الجهات المعنية آملين ألا يتكرر.
أما التنظيم من قبل قائد الفريق، فقد طلب من المشاركين إحضار عصي الارتكاز أو عصي خشبية والابتعاد عن لبس الجينز وارتداء قفازات ولفحة أو شماغ على الرغم من أن هذه هي ليست الملابس الفعلية الحافظة لحرارة الجسم والمتوجب أن تكون بتقنيات نقاط، أو حشوات ريش البط ذات ألوان ناصعة أو فسفورية لتسهيل رؤية مرتديها وتتبعهم إن ظل أحدهم الطريق، وتوجبهم حمل صفارة، متناسين بإعلانهم شروط الأحذية المناسبة الغير نفاذة للماء أو قابلة للانزلاق ذات تقنيات فيبرام وقناع الوجه ونظارات الريح مغلقة الجوانب، وترانش كوت مطري، وواقيات الساقين من الوحل والثلج حتى لا يتسلل بين البنطال والحذاء وغيرها من التفاصيل الدقيقة، بل ما زاد الطين بله، هو ذكرهم أن الغذاء سيكون مسخن ومكمورة وهذا الغذاء المشبع بالبصل والزيت ذو الأثر السيء غير متناسب مع يوم بارد قطعياً، أما وقت العودة فهو غير مستبعد أن يتزامن مع بدء انجماد المساء وانتشار الضباب التابع للموجة.
وقد علق صاحب الصور المرفقة بالإعلان، والتي تم قرصنتها من لبنان الرحالة حسان عليق بالقول: لا مشكلة لدي باستعمال الصور المشكلة في كيفية استعمالها، إذ أنه من غير المعقول وضع صور من لبنان لتسويق مشوار في الأردن الشقيق دون ذكر ذلك مع اختلاف الطبيعة والظروف الجوية"، ومن التعليقات الكثيرة على المنشور التي تجاوزت السبعمائة تعليق ما بين من لديه الرغبة بالمشاركة أو النصح والإرشاد حيث علقت حنان "نحنا أهل عجلون في بيوتنا مكيفات وصوبات ومتنا برد وانتوا جايين تعملوا مسير والله مو نصيحة"، أما إيمان فقالت محذرة "أرجوكم ما حدا يروح الطريق جدآ خطيرة وتحديداً طريق عجلون، والباص اللي بده ياخدهم كيف رح يسوق ويوصل بهيك طرق، والهايكينج بالثلج شيء خطير جداً وبده ناس محترفين، وصعب يصير في تضاريس غير مجهزة لهيك شيء، لا تروحوا مش ناقصنا مصايب" وعقبت شهد "الدفاع المدني والدوريات ناقصهم شغل!!" وغيرها الكثير من التحذيرات.
وفي عام 2019 صدرت تعليمات وشروط تنظيم رحلات سياحة المغامرات بموجب أحكام الفقرة (أ) من المادة (4) و (19) من نظام مكاتب وشركات السياحة والسفر رقم (114) لسنة 2016 وجاء في المادة (6) فقرة (أ) بند (5) التزام المكتب عند تنظيم وتنفيذ رحلات سياحة المغامرة بالتنسيق المسبق مع الوزارة بما لا يقل عن 24 ساعة مع تزويدها بأسماء المشاركين وجنسياتهم وأعمارهم واسم الدليل السياحي والمرافق وتاريخ بدء الرحلة ووقت الإنتهاء والبرامج والمسار المقرر لها، وهنا نتساءل هل فعل المنظم ذلك؟!، أما فقرة (6) من نفس المادة أعلاه تنص على الأخذ بعين الاعتبار الظروف الجوية لتفادي الحوادث الناجمة عن الفيضانات والكوارث الطبيعية الأخرى.
ويعتبر المسير على الثلج الرطب من أصعب أنواع المسير حيث أنه إن لم يكن يستخدم عصي الارتكاز بعد إزالة حلاقات الانغراس بالشكل الأمثل مع كل خطوة سوف يؤدي ذلك إما إلى تدعثر المشارك بالمسار بحجر أو سقوطه بحفرة ماء قد غطتها الثلوج، فأقل نتائجها هي البلل لمعظم ثيابه غير القابلة للجفاف أو عازلة للماء ولا يغب عن بالنا أنه يتراكم بشكل يخفي معالم الدروب والحواف الصخرية الذي قد يؤدي للانزلاق والسقوط من على مرتفع يتسبب بإصابة صعب اخلائها وإن تم ذلك من أشخاص غير مؤهلين يفاقهم الحالة.
وما نرجوا إليه بمقالنا هذا، هو عدم الانجرار نحو مجازفة قد تؤدي إلى ما لا يحمد عقباه آخذين بعين الاعتبار أن الحكومة الرشيدة أخذت قرار تعطيل المؤسسات والدوائر الرسمية للبقاء في المنازل حفاظاً على الأرواح والمصلحة العامة.