إن دولة اليوم المأمولة هي الدولة التي نعيش فيها جميعاً تحت مبدأ التساوي بالحقوق والواجبات وهي كما ننادي دولة المؤسسات والقانون، ونريد لها فصلاً بين سلطاتها ونريد منها كذلك ديمقراطية التداول السلمي للسلطة تحت مظلة وقوة ونزاهة صناديق الانتخاب بكامل الإرادة والحرية المطلقة للشعب، وكذلك ضمن الهوية الوطنية غير التابعة لأحد، لأن الهوية الوطنية الأردنية هي كائن حي له روح متجسدة في نفوس أبناء الوطن كافة، الحريصون على تمكين بناء هذه الهوية كأساس متين لإكمال باقي مراحل وعمليات بناء الدولة الأردنية وعلى مر الاجيال.
وهنا أتذكر التجارب الامريكية وكيف انها صنعة الهوية القومية الامريكية التي تستوعب أكبر تنوع وتعدد بشري في هذه المعمورة.
اذاً الهوية الوطنية يجب ان تكون صحن واسع يتسع الجميع ويغمس منه الجميع.
وعليه يجب ان نقف ونعترف بان المعيقات كثيرة لتحقيق بناء الدولة كما نحب ونتمنى والاجيال، وبرغم من التحول الديمقراطي الذي تعاكسه وتقلل من بهجته وتقتل شموخه مسائل التنمية والتحديات الاقتصادية والافقار المتزايد والبطالة المتزايدة الى جانب العوامل السياسية والاجتماعية وطبيعة النظام المجتمعي التي أعطت مساحات وفرص نجاح النخب القليلة واستمرارها بوضع يدها على مفاصل الدولة والحفاظ على سلطانها وتوريثاتها والتمدد في كل الاتجاهات.
وكذلك عندما يكون بناء الدولة وتفريخ المؤسسات على غير الأطر القانونية ذات الصلة بالواقع والحال الاقتصادي، تصبح مؤسسات الدولة غير قادرة على القيام بالمهام والوظائف المرجوة والمنوطة بها، فينعكس ذلك على النظام السياسي الكامل ويوسع الفجوة باتجاه عدم ثبات الاستقرار السياسي والمؤسسي للدولة.
وهذا يعني أن بناء الدولة يجب أن يتعزز ذاتياً ليرفع من قدرة الدولة ومؤسساتها من خلال العلاقة التبادلية بينها وبين الشعب والمجتمع ككل، ضمن الاحتياجات الداخلية والاستحقاقات الخارجية وعلى أساس المرونة التي يتمتع بها النظام السياسي الأردني وسمة قدرته على التكيف مع الاضطرابات والتصادمات والمتغيرات وغيرها، محافظاً على وظائفه الأساسية دونما تغيير أو تقليص.
وهنا يأتي دور الدولة لرفع مستوى الثقافة السياسية للمجتمع من خلال تحسين القوانين لبناء قدرات موثوقة ومنتمية حقاً تستطيع أن تفهم وتمارس سياسة المواجهة الداخلية والخارجية لوطنها بمستوى علمي وواقعي نصنع منه بالتدريج مجتمعاً يكون فيه الانسان هو محور هندسة الحكم والتحكم من خلال ضبط قواعد السلوك بين المواطن ومؤسسات الدولة وعلى أساس: -
سيادة وقوة القانون، الحاكمية والحكم الرشيد، المجتمع المدني والدولة الحديثة وفق الخصوصية الأردنية وتاريخ الأجيال وتاريخ بناته وهكذا تتراكم قواعد سليمة للبناء التصاعدي للدولة الأردنية.