facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




ماذا يمكن ان نتعلّم من الديموقراطية البريطانية؟


د.أحمد بطاح
31-01-2022 12:41 PM

لقد استعمرت بريطانيا كما هو معروف ثلاثة أرباع العالم (بما فيها الولايات المتحدة التي كانت مستعمرة بريطانية حتى استقلت في عام 1776)، وبالنسبة لنا نحن العرب كانت سياستها الاستعمارية كارثية فقد قسمتنا بالتعاون مع الدولة الاستعمارية الكبرى الثانية خلال القرنين الماضيين وهي فرنسا إلى دويلات (اتفق سايكس البريطاني مع بيكو الفرنسي على تقسيم بلاد الشام إلى أربع دول هي: سوريا، ولبنان، والأردن، وفلسطين)، كما أن بريطانيا هي صاحبة الوعد المشؤوم أي وعد بلفور الذي أعطى من لا يملك (بريطانيا) وطناً (فلسطين) لمن لا يستحق (اليهود).

ولكن... وبرغم كل ما سبق فإننا لا نملك إلّا أن نعترف بأنّ بريطانيا بلد ديمقراطي بل هو في الواقع أعرق الدول الديموقراطية حيث تعود الوثيقة الديموقراطية البريطانية (الماغنا كارتا) إلى ما يزيد عن ألف سنة، وحيث تقاس ديمقراطية البلد - أيّ بلد - بنظامه الداخلي أيّ بأسلوب إدارته لحياة مجتمعه داخلياً وليس بسياسته الخارجية التي تحكمها مصلحة البلاد عادة.

والسؤال المطروح هُنا مرة أخرى: ماذا يمكن أن نتعلم من الديموقراطية البريطانية؟ لقد حصلت في الآونة الأخيرة حادثتان تدلان على عراقة هذه الديموقراطية وعلى ضرورة تبصّر دلالاتها:

الحادثة الأولى هي مشاركة "بوريس جونسون" رئيس الوزراء البريطاني في حفلات في مكتبه الحكومي (داوننغ ستريت 10) في فترة الإغلاق التي فرضتها حكومته على الشعب البريطاني بسبب كورونا، الأمر الذي فرض إجراء تحقيق من قبل الشرطة في الواقعة والتي على أساسها قد يضطر رئيس الوزراء البريطاني إلى الاستقالة. ماذا يعني هذا؟ يعني أن رئيس الوزراء فقد "سلطته الأخلاقية" حيث لا يمكن أن يأمر بإغلاق عام كرئيس للحكومة ثم يخرقه هو شخصياً أو يخرقه بعض موظفيه في مقر الحكومة، والمُستنتج هُنا هو أن القيادة لا تُستمد من سلطة المكتب فقط (ما يعرف بالسلطة الرسمية أو القانونية) بل هناك "سلطة أخلاقية" يجب أن يتمتع بها القائد وهي التي تعظّم ثقة الجمهور به وتمكنه بالتالي من القيادة.

وعطفاً على ما سبق بشأن هذه الحادثة فإنه لا بدّ من ملاحظة أن رئيس الوزراء البريطاني وهو يشغل أعلى سلطة في البلاد (الملكة تملك ولا تحكم) يمكن أن يتعرض للتحقيق من قبل الشرطة إذا ما خرق القانون، وهُنا لا بدّ من الإشارة إلى أن هناك تحقيقاً آخر يلاحق "جونسون" وهو تحقيق داخلي في حزبه أيّ حزب المحافظين وهو ما قد يفقده زعامة الحزب وبالتالي منصبه كرئيس للوزراء إذا ما تبين خرقه للقانون الأمر الذي قد يؤدي إلى خسارة الحزب في الانتخابات القادمة، والواقع أن الدوائر الانتخابية التي تمثل الشعب هي التي تعبِّر عن استيائها من تصرف جونسون وتحث أعضاء الحزب الممثلين لها لاتخاذ موقف من رئيس الوزراء الأمر الذي يشير إلى حيوية الرأي العام واستنارته ومحاسبته التي لا ترحم لقادته إن ارتكبوا خطأ.

الحادثة الثانية التي نريد الإشارة إليها هنا هي حادثة الوزيرة البريطانية السابقة "نصرت غني" والتي تعود إلى أصول باكستانية حيث ادعت أنها فقدت منصبها بسبب ديانتها الإسلامية، وقد ترتب على ذلك أن أمر رئيس الوزراء البريطاني بإجراء تحقيق في الموضوع علماً أنه كان قد رفض ذلك في عام 2020 والدلالة هنا هي أنّ الديموقراطية لها آلياتها التي تعمل بها والتي تحرص على ألّا يكون هناك تفريق بين المواطنين بسبب جنسهم، أو دينهم، أو عرقهم، ولنتذكر هنا أن رئيس بلدية "لندن" عاصمة بريطانيا هو "صديق خان" الذي يعود إلى أصول باكستانية، والذي سبقّ وأن نافس "جونسون" نفسه على المنصب.

إن الفكرة هنا هي أنّ الديموقراطية الغربية (وهنا أنا لا أتحدث عن السياسات الغربية) تحرص على تقديم الأجدر والأكفأ لشغل الموقع ولذا يسمون مجتمعاتهم بمجتمعات الجدارة (Merit socieise).

هل معنى ذلك أن المجتمعات الغربية ومِثالُها بريطانيا في هذا السياق هي خالية من أية عنصرية أو موقف مسبق من العرب أو من المسلمين؟ بالطبع ليست خالية بل هناك بوادر على مثل هذه التوجهات (ما يعرف بالإسلاموفوبيا مثلاً)، ولكن نحن هنا نتحدث عن الجانب القانوني والرسمي حيث تحرص هذه المجتمعات على ديموقراطيتها وسيادة قوانينها.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :